(الهوتة) المنخفض الجغرافي الذي حيّر العلماء والخبراء الجيولوجيين

الجماهير- بيانكا ماضيّة
نشر الصديق والزميل قصي رزوق مدير مكتب سانا بحلب في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، وضمن مهمة إعلامية حربية له، صوراً من منطقة عنجارة، غربي حلب، مشيراً إلى أنه منخفض جغرافي عميق دائري قطره مئات الأمتار واسمه (الهوتة) ويقف متسائلاً: كيف تشكّل؟!.
أثارنا السؤال للبحث عن كيفية تشكل هذا المنخفض، فتوجهنا بسؤالنا إلى الباحث الآثاري عبد الله حجار الذي أكد أن هناك روايات منها أنه يقال إن نيزكاً سقط من السماء وشكّل هذه الهوتة الضخمة، ولكن لا أساس لهذه الرواية على الإطلاق. فيما هناك رواية أخرى وهي أقرب إلى الصواب أن هذه الهوتة تشكلت نتيجة ذوبان الأملاح الكلسية فأخذت شكل القمع وفيها كهوف متعددة. ويتابع: (الهوتة) مذكورة منذ مئات السنين وهو عمل بيولوجي قديم حدث نتيجة زلزال، فعند حدوث الزلازل قد يحدث انهيارات ومنها قد تتشكل هذه المنخفضات.
فيما تواصلنا مع الباحث علاء السيد وهو مؤلف كتاب (تاريخ حلب المصور) وقد أشار إلى زلزال حلب الكبير الذي حصل عام ١٨٢٢م، فقد تعرضت حلب في ١٦ آب من ذلك العام لزلزال كبير عُرف عند المؤرخين بالزلزلة الكبرى، إذ تهدمت أغلب أبنية المدينة بهذا الزلزال، ويعتقد بعض الباحثين أن سببه اصطدام نيزك كبير بالأرض.
ويتابع: ربما تكون الحفرة القديمة الكبيرة في المنطقة القريبة من قرية عنجارة والمجهولة المنشأ التي يسميها السكان منطقة الهوتة ناتجة عن نيزك ضرب قديماً تلك المنطقة أيضاً، ولكن استناداً إلى ذكريات من حضر الزلزلة، ذكر الغزي في كتابه نهر الذهب نقلاً عن شاهد عيان أن حرارة الجو ارتفعت مساءً فجأة حتى ضاقت الصدور، وبعد حوالي عشرين دقيقة، أضاءت السماء بنور ساطع ، ثم سمع دويّ كالرعد ومادت الأرض بعدها وانتفضت أربع مرات متوالية، وتساقطت الجدران والسقوف، وساد ظلام شديد حجب نجوم السماء. واستمر الزلزال أربعين يوماً، تارةً خفيفاً، وتارة شديداً.

في إحدى صفحات التواصل الاجتماعي (هوى الشام) كُتب عن هذه الهوتة ماقاله الشيخ كامل الغزي حين نقل شهادة المعمر (محمد آغا مكانسي) وهو معمّر حلبي، كان دقيق الفكر لا يشذ عن ذهنه كلي أو جزئي من الحوادث التي مرت عليه ، إذ قال “بينما كنت جالساً في مصيف داري القديمة في ذلك الوقت أسمر مع جماعة من خلاني وأتلذذ بمنادمتهم وحسن حديثهم والنسيم العليل يحيينا بأنفاسه وينعشنا بلطيف هبوبه إذ انقطع عنا بغتة، واشتد الحر حتى شعرنا بضنك في صدورنا وضيق بأنفاسنا، وما مر علينا سوى نحو عشرين دقيقة في هذه الحالة المضنكة إلا وسطع في جو الفضاء ضوء أشرقت به الدنيا إشراقها بالشمس تتجلى في ذروة الفلك الأعلى، فرفعنا أبصارنا إلى العلاء، فرأينا هذا النور الساطع صادراً من كوة مفتوحة في كبد السماء، كأنها نافذة من نوافذ جهنم، وما كدنا نرجع أبصارنا إلى الحضيض حتى أوقر أسماعنا دويّ كهزيم الرعد، وإذا بالأرض قد مادت بنا يمنة ويسرة، والنجوم أخذت تتناثر وتتطاير في أفق السماء كشرر يتطاير من أتون ثم انتفضت الأرض أربع مرات متوالية أزاحتنا عن مقاعدنا، فنهضنا على أقدامنا، وما منا أحد إلا وقد أحس بدنو أجله، كأن السماء وقعت عليه أو الأرض كادت تنخسف تحت قدميه، فصرنا نكرر الشهادتين ونضرع إلى الله بقولنا يالطيف يالطيف، والجدران تتداعى وتخر السقوف وتتدهده الحجارة على الأرض فيسمع لها جلبة ودوي تقشعر منهما النفوس، كل هذا جرى في برهة من الزمن لا تزيد على نصف دقيقة.
وتتابع هذه الصفحة بالقول: في دراسة قام بها الدكتور إبراهيم قوجة من جامعة حلب والتي تعد الأولى من نوعها حول حفرة الهوتة، والتي جاء فيها: “إلى الغرب من حلب وقرب قرية عنجارة حوالي 15كم عن حلب توجد حفرة كبيرة يعرفها الكثيرون بسبب ضخامتها وشكلها المخروطي تقريباً، وكان الغموض يسيطر على سبب تشكلها، وتبين أن الحفرة بعد أخذ أبعادها يقارب قطرها /150/ متراً وعمقها حوالي الـ /70/م حيث أكد القاطنون حولها بأنهم لايعرفون أي شيء عن تشكلها . كما أن هناك حفرة أخرى أكبر ولكنها غير معروفة من قبل الناس بقدر قطرها بحوالي /200/ متر وعمقها حوالي /20/ متراً . ويضيف الدكتور قوجة في دراسته: من المدهش أن تكون حفرة الهوتة قد حظيت باهتمام العديد من الرحالة والمؤرخين، فمظهرها يذكر بالفوهات النيزكيّة التي اعتدنا أن نشاهدها على القمر… لقد وجدناها مذكورة تقريباً في كل الكتب التي تكتب عن تاريخ حلب، ولكن دون أن يذكر أحد منها تفسيراً مقبولاً لكيفيّة تشكلها.
رقم العدد ١٥٩٧٦

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار