المسؤولية الجزائية للمصابين بفيروس COVID-19 ( كورونا المستجد ) في القانون السوري

الجماهير – القاضي خالد حاج سليمان*

– فيروس كورونا المستجد هو الفيروس المسبب لمتلازمة تنفسية حادة وهو يختلف عن فيروسات الكورونا في بنيته الجزيئية ويتشابه معها في الأعراض فهي غالباً ما تصيب الجهاز التنفسي وتشمل أعراض المرض الحمّى والسعال وضيق التنفس بما يتشابه مع أعراض ذات الرئة والتي تكون حادة وشديدة وقد تؤدي إلى الوفاة.
ولا زال هذا الفيروس يواصل انتشاره حول العالم وأثبت الأبحاث أن السبب الرئيسي في انتشار هذا الفيروس هو العدوى التي يسببها ناقل الفيروس للغير.
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي المسؤولية الجزائية للأشخاص المصابين بفيروس كورونا ونقلوا العدوى للغير؟.
بالرجوع للمرسوم التشريعي رقم /7/ لعام 2007 والمتعلق بمكافحة انتشار الأمراض السارية نجد أنه نص في المادة /13/ من تسبب عن قصد بنقل العدوى للغير يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من /50000/ ل.س خمسون ألف ليرة سورية إلى /500000/ ل.س خمسمائة ألف ليرة سورية ويحكم للمتضرر عن الأضرار التي لحقت به في حال ادعائه بذلك.
فهذا النص يرتب مسؤولية جزائية على من نقل العدوى قصداً للغير ومسؤولية مدنية في حال الادعاء.
ولكن ماذا لو أدت العدوى إلى الوفاة.
وبالرجوع إلى نصوص المرسوم التشريعي رقم /7/ لعام 2007 نجد بأنه لم يتضمن ما يشير إلى ذلك مما يقتضي الرجوع إلى القواعد العامة.
وبالرجوع إلى قانون العقوبات السوري نجد أنه قد نص في المادة /536/ منه على :
“” من سبب موت إنسان من غير قصد القتل بالضرب وبالعنف أو بالشدة أو بأي عمل آخر مقصود عوقب بالأشغال الشاقة سبع سنوات على الأقل “”.
كأن يكون شخص مصاب بفيروس كورونا المستجد ويقوم بنقل العدوى قصداً إلى شخص غير مصاب دون أن يكون قاصداً قتله.
أما إذا كان الشخص غير المصاب بالفيروس كبير بالسن مثلاً ومصاب بأمراض تضعف من مناعته كالسكري مثلاً واتجهت نية الشخص المصاب إلى نقل العدوى للغير بقصد قتله فيكون بذلك قد أعد الوسيلة المميتة فيما إذا ما أدى ذلك للوفاة فأرى أنه يطبق عليه نص المادة /533/ عقوبات وهو القتل القصد.
– وقد يكون القتل عن خطأ عندما يريد المتسبب الفعل ولا يريد النتيجة ولكن الوفاة نجمت عن خطأ مرده إلى الإهمال أو قلة الاحتراز أو عدم مراعاة الشرائع أو الأنظمة.
فقد نصت المادة /550/ عقوبات على ما يلي :
“” من سبب موت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة عوقب بالحبس حتى ستة أشهر إلى ثلاث سنوات “”.
فالإهمال : هو موقف سلبي يتخذه الشخص تجاه فعل يجب على الإنسان القيام به أو تستلزمه قواعد الحيطة والحذر بحيث لو قام بهذا الفعل لتجنب وقوع النتيجة وهو ما يسمى بالخطأ عن طريق الامتناع.
مثال : أن يقوم الشخص المصاب بفيروس كورونا باستعمال أدوات الآخرين وهو على علم بأنه مصاب أو أن يقوم المصاب بتقبيل المجني عليه ويقبل المجني عليه بذلك ويقوم بملامسته فينتقل الفيروس إليه وفي القانون يصح أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع حادث القتل الخطأ مشتركاً بين المتهم والمجني عليه بخطأ المجني عليه لا يسقط مسؤولية المتهم.
– قلة الاحتراز : هي سلوك إيجابي كقلة الاحتياط أو الانتباه أو الطيش أو الرعونة أو التهور أو سوء تقدير النتائج تقديراً كافياً.
مثال : أن يقوم شخص بالسعال وسط وسيلة مواصلات مزدحمة بالركاب فينتقل الفيروس إلى الركاب.
– عدم مراعاة الشرائع والأنظمة :
فالشرائع يقصد بها القوانين أو النصوص التشريعية التي تصدر عن السلطة المنوط بها حق التشريع.
أما الأنظمة أو اللوائح فتصدر بمراسيم وقرارات عن رئيس الجمهورية وأحياناً تصدر بقرارات عن مجلس الوزراء أو رئيسه أو الوزراء أو المحافظين بهدف الحفاظ على الأمن أو النظام أم صيانة الصحة العامة.
مثال : كأن يقوم المصاب بالفيروس بعدم اتباع القواعد والأنظمة كأن يقوم مثلاً بافتتاح مقهى في مثل هذه الظروف التي تمر بها ويقدم فيها المشروبات والدخان التي تنتقل فيها العدوى مخالفاً بذلك لوائح إغلاقها.
ولا بد من الإشارة أنه قد يرتكب الجاني فعلاً واحداً نجمت عنه نتيجة واحدة إلا أن له عدة أوصاف قانونية أو ينطبق عليها أكثر من نص واحد من نصوص القوانين الجزائية وهذا ما يعرف باجتماع الجرائم المعنوي.
– كالشخص المصاب بالفيروس ويتسبب بنقل العدوى عن قصد للغير وتؤدي هذه العدوى للوفاة فينطبق عليها نص المادة /13/ من المرسوم التشريعي رقم /7/ لعام 2007 ونص المادة /536/ عقوبات.


– وقد أفرد المشرع السوري لاجتماع الجرائم المعنوي قاعدتين نصت عليهما المادة /180/ عقوبات وهما :
1- إذا كان للفعل عدة أوصاف ذكرت جميعها في الحكم على أن يحكم القاضي بالعقوبة الأشد.
2- على أنه إذا انطبق على الفعل نص عام ونص خاص أخذ بالنص الخاص.
– فإذا أدت العدوى إلى الوفاة فتطبق النصوص العامة لعدم النص عليها في القانون رقم /7/ لعام 2007 على حالة الوفاة نتيجة العدوى بالفيروس
وفي الختام :

فإن القضاء على هذا الفيروس أو الحد منه لا يكون بتطبيق النصوص الجزائية فقط على مخالفتها بل هو مرتبط بالوعي والتخلي بروح المسؤولية وتطبيق التعليمات الصادرة عن الجهات المختصة والنظافة الشخصية والعامة والالتزامات بالحجر الذي يساهم في الحد من انتشار هذا الفيروس.
رقم العدد ١٥٩٩٧
• قاضي محكمة صلح الجزاء السادسة في حلب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار