ثقافة النظافة: سبيل الخلاص من الوباء

الجماهير.. بقلم: الشيح الدكتور ربيع حسن كوكة

لم يكن لديَّ أدنى شك بأن دعوة الخالق العظيم عبر جميع الشرائع السماوية للنظافة هي لخير الإنسان وحمايته؛ وقد ازداد هذا اليقينُ في قلبي وعقلي مع بروز تلك الأوبئة والأمراض؛ والتي يُعاني العالم من آخرها هذه الأيام من خلال فيروس “كورونا المستجد” الذي ينتشرُ في دُنيانا انتشار النار بالهشيم، ولا يقف أمام ذلك الانتشار إلا اجراءات وممارسات النظافة بل أقول ثقافة النظافة التي يُمارسها شعبنا منذ القديم لما يحمل من فهمٍ لتلك النصوص الشرعية.
لقد جعل شرعنا الشريف النظافة أساس مهم من أُسس الحياة، وقاعدة تنطلق منها وتُبنى عليها ؛ فقد أسماها طهارة وأخبر ربنا سبحانه أنه يُحب أهل الطهارة إذ قال: {والله يحب المطَّهرين } [التوبة:108] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ ولا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ ) رواه الترمذي، وفي روايةٍ أُخرى للإمام أحمد قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله جميل يحب الجمال، سخي يحب السخاء، نظيف يحب النظافة، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها، ويحب أن تُرى أثر نعمه على عبده، ويبغض البؤس والتبأس).
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً شعثاً فقال: أما كان هذا يجد ما يسكن به شعره. ورأى رجلاً عليه ثياب وسخة فقال: أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه ) رواه ابن حبان .
وقال صلى الله عليه وسلم ( طهروا هذه الأجساد طهركم الله، فإنه ليس عبد يبيت طاهراً إلا بات معه ملك في شعاره، ولا يتقلب ساعة من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك فإنه بات طاهراً) رواه الطبراني.
وورد في الخبر أن: النظافة تدعو إلى الإيمان والإيمان مع صاحبه في الجنة. رواه الطبراني في المعجم، وفي نظرةٍ تأملية لمعنى الحديث أجِدُني أفسره إضافة لمعناه الظاهر: بأن المرء لا يدخل جنَّة الصحة والعافية، لا يدخل جنّة الطمأنينة من الأوبئة في الدنيا إلا من خلال النظافة كما لا يدخل جنة الخلد في الآخرة إلا من خلال الإيمان القائم على النظافة من الذنوب.
ولقد صرَّح رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بقيمة النظافة والطُّهر وحيّزه من الإيمان فقال فيما رواه مسلم: (الطهور شطر الإيمان) أي نصفه فإذا كانت النظافة الحسية هي نصف الإيمان فإن النظافة المعنوية هي النصف الآخر إذاً النظافة هي الإيمان كلّه ومصداق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( تنظفوا بكل ما استطعتم، فإن الله تعالى بنى الإسلام على النظافة، ولن يدخل الجنة إلا كل نظيف ) رواه الطرسوسي.
نعم فالنظافة: سلامٌ في الحياة مستمرٌ كنهرٍ جارٍ هادرٍ يقتلعُ كل شائبةٍ تقف في وجهه.
النظافة: معيارُ الحضارة والارتقاء، وحِصنُ الإنسان من هجمات الوباء، هي: أخلاقٌ حميدة، وممارساتٌ مُفيدة، وحياةٌ سعيدة، هي عودةٌ نحو أصل الفطرة، ودعوةٌ للخيرِ قبل الحَسرة.
فلنجتهد في الأخذ بثقافة نظافة ولندعُ إليها فهي من خلا نقاء الجسد بغسل الأقذار، ونقاءُ النفس بالتوبة والاستغفار؛ لا سيما ونحن على أبواب شهر الرحمة والمغفرة شهر رمضان الكريم.
رقم العدد ١٦٠١٤

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار