عودة مديرية الثقافة في حلب لاستئناف أنشطتها وفعاليتها مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية … ومدينة حلب تتصدر القصائد الشعرية
الجماهير – أسماء خيرو
تعود مديرية الثقافة في حلب لاستئناف أنشطتها وفعالياتها على المنابر الثقافية بعد توقف دام لعدة أشهر مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية من حفاظ على مسافة أمان، وعدم الاحتكاك المباشر، والتعقيم وغيرها من الإجراءات. وكان البدء على مسرح ثقافي العزيزية إذ أقامت جمعية أصدقاء اللغة العربية بالتعاون مع مديرية الثقافة أمسية أدبية شارك فيها كل من الأدباء (محمد كبة وار – مريانا سواس – وياسين الأحمد).
وأوضح مدير المركز الثقافي في العزيزية جهاد غنيمة أن هذه الأمسية تعتبر الأولى منذ أن بدأت أزمة كورونا التي قيدت الفعاليات الثقافية، وأن استئناف النشاطات على المسرح بناء على توجيهات من وزارة الثقافة، مع الالتزام بتطبيق جميع الشروط الوقائية التي شددت عليها الوزارة كنسبة الحضور التي يجب أن لاتتخطى ال٣٠% من الجمهور، والتعقيم، والتباعد، وعدم الاحتكاك المباشر، وسيستمر هذا الوضع إلى أن تتجاوز سورية أزمة كورونا. وفي الأيام القادمة لن تقتصر الفعاليات الثقافية على الأمسيات الأدبية فقط بل سيكون هناك عدد من المسرحيات الهادفة والمحاضرات والندوات .
ومن جانبها بيّنت رئيس إدارة جمعية أصدقاء اللغة العربية سها جلال جودت التي أدارت وقدمت الأمسية الأدبية، أن بعد كل غياب دائما يجب أن نقول: عود أحمد، فأهل مدينة حلب تحديداً وبالذات من المعروف عنهم أنهم لايعرفون الاستكانة والجلوس بدون عمل، وهم كأدباء على الدوام يسعون بكل طاقاتهم لإيجاد البديل، بمعنى أنه لايمكن لأي حجر صحي تقييد أنشطتهم الثقافية، وهذا ما لمسه الجمهور من خلال حراكهم الثقافي على مواقع التواصل الاجتماعي كما لمسه قبل سنوات عديدة في فترة الحرب، حيث كان لهم دور فاعل ومؤثر على المنابر الثقافية بالرغم من القذائف التي كانت تنهال على حلب، واليوم بعد أن تم رفع الحجر الصحي عادوا إلى المنابر مع الالتزام بشروط الوقاية الصحية (كمنع الاحتكاك المباشر – والمصافحة- والتقبيل) وأنهم قدر الإمكان هم اليوم يحاولون أن يأخذوا الحيطة والحذر كي يحققوا الحماية الصحية لأنفسهم ولغيرهم .
ويشار إلى أن الأمسية بدأت بإلقاء الشاعر “محمد كبة وار” الذي آثر العودة للوطن بعد أن قضى عقدين من الزمن بالغربة عدة قصائد نثرية بعنوان (صابونة حلب – ذاكرة كرم الفستق – ملأت الغربان السماء – المهاجر – قوالب الحروب الأهلية) وصف فيهم بالصور الشعرية وبالتفاصيل الدقيقة ماحدث لحلب من (هجرة – ودمار – وخراب)كما تحدث عن معاناة الذين هاجروا إلى أوروبا وعاد بالذكريات إلى أسواق حلب القديمة. وهذا مما جاء في قصيدة “قوالب الحروب الأهلية” :
موسيقا الصمت والشفقة ترهبني / بيوت فارغة أرياف مسلوبة / والخوف في قلب طفل عندما يمشي إلى المخبز / سجين في قوالب الحروب الأهلية .
فيما الأديبة مريانا سواس ألقت قصيدة بعنوان (لم تخبريني يا أمي يوماً ) عاتبت في القصيدة أمها عن عدم إخبارها عن قسوة الحياة ومآسي الحروب إذ قالت: لم تخبريني يا أمي يوما أن الحياة زجاجة ماء مشروخة/ وأنها قدر محمول على كتفي/ وأنني تلاحقني لعنة الحروب/ لم تخبريني بأن الأخوة في زمن الحرب عين جاحدة/ تترصد خطواتي/ وأن أخي هناك ينتظرني بيده سكين ورصاصة.
ثم بعد ذلك قرأت قصة قصيرة بعنوان (سميتي على الضفة الأخرى ) تحدثت فيها عن رحلة سياحية قامت بها لزيارة حلب القديمة، وهناك عند بيت الأديبة مريانا مراش عادت بفكرها إلى زمن الأديبة مراش وعاشت بعضاً من تفاصيل ذاك الزمن، ثم جاءت بها إلى الزمن الحاضر فخاب أمل الأديبة بعد أن رأت ماحل بمدينة حلب من خراب ودمار، وفضلت أن تعود إلى زمنها على أن ترى مارأته من مآس .
وبدوره قرأ الشاعر ياسين الأحمد عدة قصائد بدأها بمقطوعة من الشعر وصف فيها جمال قريته التي تجاور نهر العاصي في فصل الشتاء، كما عاد إلى ذكريات الطفولة ثم بعد ذلك ألقى قصيدتين بعنوان “لله درك ياقمر” و”الكون للجمال” في كلتيهما اشتكى وباح بإيقاع كلاسيكي ووجداني مشحون بالألم والحرقة والحزن من ممارسات البشر اللاإنسانية . ومما جاء في قصيدة “لله درك ياقمر” :
بالأمس ناديت القمر وقلت له/ ألا تشارك أرضنا في المأتم/ ألا تشارك شمسنا/ الكل يبكي ياقمر/ حتى المطر حتى الشجر حتى الحجر / أو هل نسيت مودة أم قصة للعشق كانت بيننا / أحبابنا الباقون لا أدري أهم باقون أم وقع القدر / لله درك ياقمر .
حضر الأمسية التي تخللها عدة مداخلات عدد من الأدباء والشعراء والمهتمين بالشأن الأدبي .
رقم العدد ١٦٠٦٨