الجماهير – أسماء خيرو
مفهوما المكان والزمان وأهميتهما في القصة القصيرة تحدث عنهما الأديب إبراهيم كسار في محاضرة أقامتها مديرية الثقافة في حلب بالتعاون مع دار الكتب الوطنية، وذلك في قاعة أبو ريشة . فيما قدم وأدار المحاضرة مدير الدار محمد حجازي .
استهل الأديب كسار المحاضرة بتقديم تعريف عن مفهوم القصة القصيرة وعناصرها المختلفة ثم تناول عنصري الزمان والمكان فتحدث أولاً عن مفهوم المكان وأهميته فقال : إنه من العناصر المهمة والأساسية التي لايمكن الاستغناء عنها فلا يمكن لأي قصة قصيرة إلا أن تحتوي على مكان تحدث فيه الأحداث، وهو محدود وينبغي أن يكون مناسباً للحدث، ومتوافقاً مع الحوار ومتناسباً مع البعد النفسي والاجتماعي للشخصيات وثقافتهم. وقد يعتمد بعض كتاب القصة عدم تحديد مكان معين فيكون المكان عاما” قد يرتبط به مصير شعب كالقضية الفلسطينية ( فلسطين مكاناً ) وأحيانا” أخرى يكون المكان عاما” جداً يتناول مصير الإنسان بشكل عام في الحياة.
ثم تطرق المحاضر كسار وتحدث عن أبعاد المكان بشكل عام فكانت (الحجم -والمساحة – والفراغ ) وشرح خصائصه وصفاته والتي منها ( التواصل- والتعدد البعدي- والاتصال- والاتجاه) مؤكداً أن المكان يدرس من حيث إدراك الأشخاص له وطريقة استعمالهم إياه، وأن للمكان مسافات على الإنسان أن يراعيها لدى وجوده مع الآخرين ومنها ( المسافة الشخصية – والاجتماعية – والحميمية – والعامة) .
وأوضح المحاضر أن علاقة المكان في النص القصصي تتحدد قبل النص وأثناء النص وبعد النص، وأن اللغة لها دور كبير في التعرف على المكان في القصة، ثم أشار إلى أن هناك أمكنة كثيرة داخل القصة أمام القارئ والمتلقي كالمسافة التي تأخذها الصفحة، والمساحة الفارغة بين الكلمات والأسطر ،وحجم الكلمات والحروف. مبينا” أن للمكان في القصة القصيرة أنواعاً عديدة: أماكن إقامة اختيارية بعضها شبه دائم كمنزل الإنسان، وبعضها متقطع كأماكن العمل والفنادق والمشافي، وأماكن إقامة إجبارية (كالسجون – والمصحات العقلية) وأماكن يمكن الانتقال إليها، ومنها العمومي كالشوارع والأحياء ، والخصوصي كالمقاهي والنوادي الثقافية وغير ذلك .
ولفت المحاضر في ختام حديثه عن مفهوم المكان إلى أن للمكان مجموعة تجليات ألا وهي المكان القصصي الذي تصنعه اللغة للتخييل – والفضاء وهو مجموعة الأمكنة في القصة وإطارها المتحرك، والفضاء الجغرافي مكان ينتجه السرد أو الحكاية وتتحرك فيه الشخصيات، والفضاء الدلالي وهو الصورة التي تصنعها لغة السرد، والفضاء النصي وهو المكان الذي تشغله الكلمات على الصفحة. وأن للمكان مجموعة أبعاد على الكاتب أن يراعيها في كتابة القصة القصيرة كالبعد الجغرافي والنفسي والاجتماعي والتاريخي والزمني والفيزيائي والهندسي .
أما فيما يتعلق بمفهوم الزمان في القصة القصيرة فلقد قدم المحاضر كسار تعريفا” للزمن ثم عدد أنواع الزمن مشيراً إلى أن بناء الزمن في القصة القصيرة مهم جداً، فهو ليس مجرد إجراء تنظيمي تركيبي لأنه يكوّن عنصراً بنائيا” للنص، فيصبح مُمَثِلاً بذاته غاية دلالية جمالية، وليس مجرد وسيلة للتعبير والإسهام في عملية البناء السردي والفني والجمالي للقصة .
وختم الأديب كسار المحاضرة بالقول إن الزمان والمكان قد يكونان أحياناً بطلي القصة وأحياناً أخرى قد ينفرد أحدهما بالبطولة. ثم طرح عدة تساؤلات على الحضور للتأمل والبحث فيها لاحقاً ومنها ماعلاقة الزمان بالمكان ؟ هل هما متناقضان أم منفصلان ؟ ماعلاقة الزمان بالوعي ؟ وهل يمكن أن يوجد الزمان خارج وعي الإنسان؟!.
وقد تخلل المحاضرة التي حضرها عدد من الأدباء والشعراء والمثقفين مجموعة من المداخلات حول الزمان والمكان في القصة القصيرة منوهين إلى أن ماقدمه الأديب كسار كان بالغ الروعة من الناحية النقدية الأدبية.
رقم العدد ١٦٠٧٨