عودة الحياة لسوق النحاسين بحلب.. أصوات خفيفة تصارع للبقاء!.

 

الجماهير -عتاب ضويحي

على أصوات دقات النحاس التي تتناغم أحياناً وتختلف أحياناً أخرى في سوق النحاسين بحلب، تعود بك الذاكرة لأيام كان من الصعب عليك أن تسمع غيرك من وقع الدق والطرق.
اليوم ومع عودة بعض محال صناعة النحاس، لسان حال بعضها يقول سنستمر والآخر يقول إنها تحتضر!.
في جولة “للجماهير” بسوق النحاسين توقفنا عند بعض الحرفيين للحديث عن واقع حرفة تقليدية عريقة ،حالها مقسومة بين مطرقة الهجر وسندان قلة المردود!.
البداية مع الحاج يوسف النحاس 76 عاماً، معلم متقاعد، بدأ حديثه بغصة على واقع مهنته التي تعلمها منذ طفولته عن أبيه وأجداده، واستمر بها حتى يومه هذا.
بحزن شديد يقول المهنة شبه انتهت، الظروف الحالية واستبدال النحاس بأدوات أخرى قلل من انتشارها.
ولكن سرعان ما ارتسمت على وجهه ابتسامة عندما بدأ يتحدث عن الحرفة بدءاً من تشكيل الصفائح التي تتخذ أشكالا وسماكات مختلفة حسب الطلب والغرض منها، بعدها يتم تشكيلها بقوالب مختلفة مستعينين بأدوات خاصة، أهمها القاعدة الخشبية (قب إرمة) لتثبيت السنديان عليها. السنديان ذو أحجام كبيرة وصغيرة، وله أسماء عديدة (رقبة الجمل، إجر الجحش) طبعا لكل تسمية وظيفة خاصة تتناسب مع كل نوع وقطعة يراد تصنيعها.وهناك أيضاً المطارق الحديدية للتلميع والتطريق واللم، وأقلام الحفر الفولاذية والأزاميل والمنشار.


وعن آلية النقش يقول الحاج يوسف: إن أصل النقش من إيران، ولا يختلف عن نقش الصياغة سوى بالأحجام، هناك نقش كتابي، وآخر زخرفي إضافة للخط العربي والآيات القرآنية، والنقش يشمل القطع الصغيرة والكبيرة معاً.
وعن تلميع النحاس يقول النحاس: قديماً كنا نعتمد على البشر بالدق والتسخين على النار و(التجليخ) أي البشر يدوياً، لكن حالياً الاعتماد على آلات التلميع الخاصة.
بالنسبة للأدوات المصنعة من النحاس متعددة كما يذكر الحاج يوسف منها (دلال القهوة، المناقل، المباخر، السيوف، الأواني المنزلية من كاسات ومعالق وشوك وصوان وأباريق، فوانيس وغيرها) .
كما التقينا بالحرفي أحمد حاج عمر وعن مهنته يقول :
منذ 30 عاماً وأنا أعمل بها، توقفت فترة الأزمة، ولكن عدت للعمل منذ عامين تقريباً.
عملي يدوي بالمطلق من حيث النقش والحفر على الأواني النحاسية الجديدة وحتى القديمة ويشمل الحفر على (المناسف، الصواني، التروسة، والأواني المنزلية).
طبعاً التسويق ضعيف بسبب غلاء سعر المواد الأولية والانشغال بتأمين لقمة العيش أولاً.
ولحماية مهنتهم من الاندثار يقول عمر: إن أصحابها انتقلوا بها من صناعة الأواني إلى الأثاث المنزلي والديكور.
وعن آلية التبييض والتلميع يحدثنا الحرفي محمد آل تندي قائلا:
التلميع يتم عن طريق (ماكينة الفرشاية) تمر بأربع مراحل لنحصل على نتيجة مضمونة وبعمر طويل، تعتمد على القماش القطني لتبييضها وتنظيفها ثم عرضها على قسم آخر مزود بقطعة (تيل) لتلميعها مستخدمين مواد خاصة.


ختاماً ..تبقى حرفة النحاس مهنة عريقة تحمل روحاً ثقافية وشرقية معتقة برائحة ماض مشرق على أيد طرقت فأبدعت لوحات تحاكي لون الشمس بجمالها.
رقم العدد ١٦٠٨٠

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار