سوق وخان الصابون … حكاية صناعة تعود إلى زمن أصيل متوارث عبر الأجيال

الجماهير / وفاء شربتجي

هو سوق من أسواق حلب القديمة ، و سمي بسوق الصابون كون المنتج المشهور به قديماً هو صابون الغار الحلبي الشهير .
بداية هذا السوق عند سوق ( أصلان دادا ) وينتهي عند مفرق سوق العطارين والقطن والعبي حيث ينتهي عند أربعة مفارق .. يتفرع من داخله سوق الضراع والطرابيشية وعلى يمينه سوق الدهشة ..
يتألف سوق الصابون من عدة محلات عددها تقريباً خمسة وثلاثون محلاً تتوزع على كلا الطرفين ..
يباع داخل هذا السوق قديماً الصابون ثم أضيف له بعد ذلك عدة أصناف كبيع السجاد وأكمار الجلد والبشاكير … الخ
من أصحاب تلك المحلات قديماً ..
” جو دهان ” له سبع محلات تقريباً وأولاد العتر لبيع الأكمار الجلدية ، وأولاد البوشي لبيع اللباس العربي التقليدي القديم والطرابيش ، ( آل جو ) يعملون على بيع سجاد الصلاة والسجاد الوطني والبشاكير ..
تهدم هذا السوق بسبب الحرب الجائرة عام /2015/ وحجم الخراب فيه كبير فقد مسحت بعضاً من معالمه الأثرية الجميلة كالأعمدة التي كانت ترتفع عليها قبة هذا السوق ، فقد كانت مزخرفة بزخارف بديعة والتي كانت تحوي على كتابات باللغة العربية ..
كانت بضاعة هذا السوق تصدّر إلى دول الخليج ، وجميعها صناعة وطنية عالية الجودة ..
أما عن الصناعة الأساسية فيه والتي تحمل اسم هذا السوق أي الصابون فلصناعته حكاية تعود إلى زمن أصيل متوارث عبر الأجيال تفردت بعض العائلات الحلبية بإنتاجه وصنعه ضمن مصابن تقليدية ..

وترتبط صناعة صابون الغار بمدينة حلب منذ أربعة آلاف سنة فقد تفوق الحلبيون بتلك الصناعة وارتبط أسماء بعض محترفيها كعائلة ( فنصه ، زنابيلي ، الحلاق ، قداح ، وغيرهم ) يصنع هذا الصابون من زيت الزيتون وزيت ورق الغار المستخرج من ثمار أشجار الغار وهيدروكسيد الصوديوم والماء .
يشكل زيت الزيتون نسبة 60% إلى 98% من مكونات الصابون وبينما تشكل نسبة زيت الغار ما بين 2% إلى 40% وهو على عكس أنواع الصابون ، يطفو على سطح الماء و يستعمل لنظافة الرأس والجسم .
تتم صناعته عن طريق غلي الماء وزيت الزيتون بالكميات المطلوبة لمدة ثلاث أيام من ثم إضافة زيت الغار على المزيج ثم سكبه على ورق الشمع حتى يبرد تماماً ويصبح صلباً ، بعدها يقطع على شكل مكعبات ويخزن بشكل جيد مدة سبعة أشهر على شكل أهرامات لتأمين التهوية الكافية لجفافه فيتحول من اللون الأخضر إلى اللون الأصفر وله فوائد عديدة للشعر ولترطيب الجلد و يصدّر إلى جميع دول العالم ..
أما خان الصابون فقد أنشأه السلطان المملوكي الأمير ( أزدمر بن مزيد ) أواخر القرن التاسع عشر ..
يعد درة خانات حلب وأجمل ما خلده العصر المملوكي في حلب يقع بين سوق الصابون وسوق الصاغة ..
يتألف من صحن تحيط به غرف وأروقة على طابقين ، السفلي لخزن البضائع وعرضها ، والعلوي يستعمل كمبيت للتجار ، عددها حوالي /130/ محلاً تجارياً ، تعتبر الواجهة الخارجية أهم ما في الخان وأجمل واجهات الخانات المملوكية لغناها بالزخارف النباتية والهندسية ، والخطوط الكتابية بالإضافة إلى النقش البديع .
يوجد على يمين هذا الخان سبيل ماء أنشأه الأمير ( أزدمر بن مزيد ) مع الخان ..

كما يوجد داخل هذا الخان مكتبه قديمه تحوي على كتب هامة تعود لعام /1900/ تقريباً أو حتى أقدم من ذلك ..
تحول هذا الخان الكبير إلى ورش خياطة مثل اللباس العربي والأطقم الولادية .. كما يوجد داخل هذا الخان محلات لبيع السجاد الوطني ومتفرقات أخرى ..
كانت جميع المهن تصدّر بضائعها إلى دول الخليج وأوروبا واليمن لما تمتاز به من حرفية عالية وجودة في الصنع ، كالهباري والدامشقو القديم والعبايات والشرقيات ..
تهدم بعض أجزاء هذا الخان بفعل الحرب الجائرة وبقي السوق والخان على وضعه الراهن بعد تحرير حلب عام /2016/ .
آملين عودته للحياة من جديد وعودة أصحاب المحلات إلى مهنهم العريقة .
رقم العدد ١٦١٨٣

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار