الجماهير – بيانكا ماضيّة
لمَ كانت الروايات السورية التي تناولت الحرب على سورية قليلة مقارنة بتلك التي زيّفت الحقيقة والواقع معاً؟! سؤال يحيلنا على مانشر في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية التي احتفت بتلك الروايات المضلِّلة، تظهيراً ودعاية، ديدنها أن تظهر أن تلك الروايات تناولت الواقع كما هو، بينما هي في حقيقة الأمر تناولت الحرب على سورية من وجهة نظر أحادية الجانب غلب عليها الطابع الإيديولوجي واللغة السياسيّة، ومن يقرأ تلك المقالات المدبّجة بعناوين جذّابة برّاقة، يقفز إليه مصطلح ماسمّي زوراً (الثورة السورية) وهنا يدرك أن ماتناولته تلك الروايات هو بعيد عن الحقيقة والواقع وأقرب إلى التضليل الروائي، إن صح التعبير، إذ قدمت نفسها كمنشورات سياسية في قالب سردي فجّ لا يخلص لقيم الفن الروائي.
حتى أن البعض من كتاب تلك الروايات لم يكن له اسم في المنجز الروائي السوري، ولم يميز بين الحكاية والرواية، وأن دور نشر عربية وغير عربية قد تواطأت مع أصحابها فصنعت منهم كتّاب رواية (معارضين) وهم لايملكون أي مشروع ثقافي، ومنهم أسماء مجهولة تم تقديمها من قبل نقاد معروفين مدفوع لهم خيانةً الواقع والحقيقة، وامتثالاً للعبة السياسية وشروط الإعلام المضلل، وبذلك ابتعدوا ابتعاداً كلياً عن عالم الفن الروائي والمسؤولية الأدبية والفنية.
فكانت تلك الروايات مجرد خطاب سياسي إيديولوجي سقط سقوطاً مدوياً، وقد جمع بين التوثيق المزور والتخييل المصطنع، فوقع في هاوية المباشرة والثأرية والتقريرية، وبالتالي فقد عنصرين مهمين ألا وهما الفتنة والمتعة الروائيتين. بينما الروايات التي تناولت الحرب على سورية من وجهة نظر أدبية، إبداعية، وإنسانية كانت قليلة جداً مقارنة بذاك العدد الهائل من الروايات والذي زيّف الحقيقة والواقع معاً، ولذلك فإن الحرب على سورية لم تكن عسكرية وحسب، بل كانت متعددة الجوانب، وقد حشد لها الكثير من الأقلام المأجورة والعمالة والسلاح من أجل تغييب الواقع ونشر رائحة العفن الأيديولوجي والطائفي والتعتيم على الحقيقة التي كانت ساطعة كعين الشمس.
رقم العدد 16310