حسين الذي انتحر!

الجماهير – بيانكا ماضيّة

ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بقصة انتحار الشاب حسين الذي، حسبما تابعت من منشورات عنه، كان يتعرّض للكثير من المضايقات والانتقاد من قبل مقربين أو ممن يرونه في الشارع، تلك المضايقات التي تنتقد مظهره الذي يوحي بشكله (الهيبي) بشعره المجعد (المنفوش)، وكان آخر منشور قرأته يشير إلى أن هذا الشاب لم ينتحر بسبب تلك المضايقات، وإنما لتعرضه لمرض الاكتئاب، وقد بنت صاحبة المنشور (وهي طبيبة) رأيها وتشخيصها للمرض على جملة من الكتابات التي كان قد كتبها الشاب حسين، والتي من خلالها تبيّن معها أن ماكان يشعر به هو جملة من الأعراض التي تؤدي إلى الاكتئاب، هذه الأعراض تلخّصت في الحزن والألم والأفكار السوداوية، وفقد المتعة والاهتمام، والتعب، وانخفاض احترام الذات، وأن هناك بعض الحوادث الراضّة والضغوط الاجتماعية التي أدت لتغيرات طويلة الأمد في بيولوجيا الدماغ، ومنها أنه كان يتعرّض بشكل دائم للتنمّر على مظهره، ما أدى به في نهاية المطاف إلى انتحاره.
مجموعة جمل دوّنها حسين في رسالة كتبها قبل الانتحار، ومنها استنتجت الطبيبة أنه كان مصاباً بمرض الاكتئاب، وهذه الجمل هي: (عم اتعذب من أفكاري يلي عم تموتني كل ثانية…. ما عد في شي يبسطني، ما عد في شي عم يساعدني….. أنا ما عد قدرت ، بعترف أني شخص كتير ضعيف…. أنا مو منيح).
ليست الفكرة في كتابة هذا المقال عن قصة انتحار الشاب حسين هي الإشارة إلى هذه القصة تحديداً، رغم أنها مهمة وتشي بأن ظاهرة التنمّر بدأت تأتي بنتائجها السلبية نفسياً واجتماعياً في مجتمعنا، لكن الفكرة التي أود طرحها هنا هي تلك المتعلقة بتعليق كتب على صفحة الطبيبة، يسأل فيها صاحبه عن مدى استفادته من نشر قصة انتحار حسين، وأن كثيرين تنمروا عليه، وأن هناك منشورات كثيرة تناولته، فهو جلّ همّه أن يتدبر طعاماً لعائلته، فما همه بهذه المنشورات؟!!!
وهنا المشكلة التي تم طرحها في هذا التعليق، إذ بات كل اهتمام المرء أن يؤمّن طعاماً لعائلته، ضارباً عرض الحائط بالقيمة الإنسانيّة وبالحزن والألم الذي ألمّ بأهل الشاب حسين، ومعارفه وأصدقائه لخسارتهم له، ويقينه أن الفيسبوك منصّة لمنشورات أو أخبار يجب أن تقدّم له حلولاً لمشكلاته، وأن كل ماعدا ذلك غير مهم، صحيح أن مشكلة هذا الرجل ليس فردية، فالجميع يعاني من الغلاء الفاحش، والجميع يبحث عن لقمة العيش، لكن يبدو أن الكثيرين فقدوا إنسانيتهم وباتوا أنانيين في نظرتهم للأمور، لم يعد لديهم أدنى شعور بمصائب الناس إلا إذا كان الأمر متعلّقاً بالمعيشة، ربما لو أن ذاك الشاب قد مات بسبب الجوع لكان الأمر مختلفاً بالنسبة إلى ذاك المعلّق، ولانبرى هو نفسه كاتباً منشوراً بذلك.
إن الفيسبوك كشف عن طريقة تفكير الناس تجاه القضايا، والطامة الكبرى هي في الأنانية وعدم الإحساس بمصائب الغير.
رقم العدد ١٦٣٣٧

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
احتفالاً بيوم الطفل العالمي.... فعالية ثقافية توعوية  لجمعية سور الثقافية  جلسة حوارية ثانية: مقترحات لتعديل البيئة التشريعية للقطاع الاقتصادي ودعوة لتخفيف العقوبات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية الشاب محمد شحادة .... موهبه واعدة مسكونة بالتجارب الفنية تهدف لإنجاز لوحة لاتنتهي عند حدود الإطار ال... حلب تستعد لدورة 2025: انطلاق اختبارات الترشح لامتحانات الشهادة الثانوية العامة بصفة دراسة حرة خسارة صعبة لرجال سلتنا أمام البحرين في النافذة الثانية.. وصورة الانـ.ـقلاب الدراماتيكي لم تكتمل مساجد وبيوت وبيمارستان حلب... تشكل تجسيداً لجماليات الأوابد الأثرية على طريقة أيام زمان ... معرض 1500 كيلو واط يعود إلى عصر" النملية " في عرض منتجات الطاهية السورية تعبير نبيل عن التضامن : شحنة مساعدات إنسانية من حلب إلى اللاذقية دعماً للمتضررين من الحرائق مؤسسة الأعلاف تحدد سعر شراء الذرة الصفراء من الفلاحين وموعد البدء بالتسويق