خان الشونة … بعد إزالة الخطورة عن الأماكن المتصدعة .. السياحة تضع دراسة للتكلفة المالية للبدء بتأهيله

الجماهير / وفاء شربتجي

يقع خان الشونة بجوار قلعة حلب ، إلى الجنوب الغربي ، أمام بابها الرئيسي ، جانب المدرسة الخسروفية جهة الشمال.
وحين دخل الإرهاب مدينة حلب عام ٢٠١٢ م ، دمروا معظم المدينة القديمة ومنها هذا الخان العريق فقد عملوا على تخريبه وحرقه ، ومازالت جدران الخان تشي بوحشية إجرامهم .
وبعد تحرير حلب من الإرهاب ، كانت هناك جهود كبيرة لإعادة ترميمه .
وبين المهندس باسم الخطيب مستشار وزارة السياحة لشؤون المشاريع والتخطيط السياحي في المنطقة الشمالية ، أن هناك عدة طروحات لإعادة الخان لشكله الأمثل ، وأضاف :”عملياً نحن قمنا بترميم السور ، وترميم القباب ، وعملنا على سبر الأنفاق ، وأزلنا الخطورة عن الأماكن المتصدعة، وقد وضعت وزارة السياحة دراسة للتكلفة المالية ، والشروط الفنية للعمل ، بانتظار عرض المناقصة المناسبة ، للبدء بالعمل الجدي على أرض الواقع “.
و يعود تاريخ بناء هذا الخان إلى فترة ولاية خسروا باشا والي حلب عام ١٥٤٨ م .
فقد كان وقفاً للمدرسة الخسروفية ينفق ريعه على طلاب العلوم الشرعية في المدرسة الخسروية.
تعرض هذا الخان إلى أضرار كبيرة جراء الزلزال الكبير الذي أصاب مدينة حلب عام ١٨٢٥ م .

عمل القنصل الإيطالي ( بول ماركوبولي ) حينها على الإستفادة من قانون الإيجاراتين، والذي ينص على أن كل شخص يقوم باستصلاح عقار متصدّع جراء الزلزال يصبح ملكاً له ، وهكذا أصبح الخان عائداً ملكيته إلى عائلة ( الماركوبولي ) ، التي عملت إلى إيجاره للشاغلين لاحقاً .
استخدم الخان سابقاً مستودعاً للحبوب والعلف ، ومنهم من يقول أنه كان مربطاً للخيول أيضاً .
سمّي بخان الشونة على اسم نبات الشونة الدي كان يستخدم كعلف للحيوانات والتي كانت تخزن فيه وكذلك فإن كلمة شوّن بالعربية تعني خزّن.
ويختلف خان الشونة عن باقي الخانات الأخرى كونه يتألف من طابقٍ واحدٍ وسوقين متعامدين ، ومنهم من يُرجع كونه سوقاً وليس بخان . وأطلق عليه اسم خان كونه تحول الى مستودع مثل باقي خانات المدينة.
تتميز أروقته بالأقواس المنتظمة والمتناسقة ، مع وجود فتحات علوية في السقف للتهوية والانارة.
وله ثلاثة أبواب خارجية خشبية كبيرة مختلفة الإتجاهات ، وباب داخلي مفتوح على الباحة الداخلية التي تزيد مساحتها عن (٧٥٠) م مربع ، يتوسطها بركة ماء وعلى جانبيها سلسبيل ، ولها باب خارجي كبير ، لتسهيل عملية الدخول والخروج منه دون المرور عبر الخان ، مما يمنحها الخصوصية ،
تمتاز تلك الباحة بأرضية جميلة يتناوب فيها اللون الأسود والأصفر ، كما هي أرضية الخان .
وفي الثمانينات من القرن الماضي وضعت وزارة السياحة خطة للحفاظ على المهن اليدوية ومنعها من الاندثار، حيث جرى ترميم الخان ، وتسليم المحلات للحرفيين المتميزين بمهنهم بأجور رمزية مقابل الحفاظ على مهنهم وتعليمها للاجيال القادمة وقد حوت المحلات على المهن اليدوية الحلبية المختلفة .
حيث وضع الخان فعلياً للاستثمار عام ١٩٨٩ م ، ليكون نافذة على مدينة حلب بحرفها العريقة .

أُضيف للسوق لاحقاً مطعم شرقي على السطح ، ذو إشرافٍ رائع على القلعة ، بالإضافة إلى المقاهي الصيفية بجانب الخان على طرف السور المقابل لقلعة حلب .
يحوي هذا الخان على (٤٩) محلاً تجارياً ، كل محل يمثل حرفة شعبية خاصة بمدينة حلب ، مثل الطرق على النحاس ، صناعة سلال القش والخيزران ، والنول اليدوي ، البسط الشعبية ، العبي ، الفرو ، صناعة العقال ، السيوف والخناجر ، الصرامي الحمر ، الخط العربي ، الزخارف العربية والعجمية ، صابون الغار ، حفر للقوالب الخشبية ، النحاس والأنتيكا ، الفضيات وأدوات الزينة للمرأة ، فسيفساء ، فخار ، زجاج ، أيقونات شرقية ، موزاييك ، رتي سجاد ، الطبع على الحرير ، حفر على الخشب ، وصناديق مصدّفة ، ميزر حمام ، وبعض الآلات الموسيقية ، .. الخ .
يزيّن سقف الخان بفوانيس نحاسية جميلة .
كما كان يوجد داخل الخان إبريقان مصنوعان من النحاس ، يُعد هذان الإبريقان أطول الأباريق في العالم ، بطول (٥) م ، وقطر (واحد ونص) م .
كانت الحياة تضج ضمن هذا الخان ، والحركة فيه لا تهدأ من الصباح حتى المساء ، وحين ينتهي زواره من التجول فيه والتبضّع ، يستريحون بعض الوقت في مقاهيه التي تتمتع بإطلالة رائعة على القلعة .
كلنا أمل بعودة أسواقنا وخاناتنا للحياة بالقريب العاجل .
رقم العدد 16338

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار