الجماهير – بيانكا ماضيّة
وليس بالخبز وحده، بل ببارقة نور ترفرف علماً في البلاد، وصبح يرفع سدول الليل، لتشرق الشمس من بعد المغيب.. تلك الطفلة التي بكت حرقة على أهلها تغيرت أحوالها، والقيد الذي في معصمها حطّمه رعد السماء، والشهيد الذي عاد متوجاً بالحياة رأى في النحيب شدّة الغياب، وتلك الزغاريد التي مازالت في البراري، يقشعر العشب من هول صداها، والبيوت التي فقدت سكينتها، مازالت ترنو للقناطر التي تفتح الزهر على حوافها.. خراب مابعده خراب، ومن جذور الأرض ينبت الزهر ويفوح العطر على الأبواب.. بائع الورد الذي ينادي عشاقه ينظر في بتلات الوردة التي بين يديه، أيعود إلى صغاره بثمن وردٍ أم يهدي ورده للعاشقين؟!
شباب يحلمون بهجر وآخرون يقتلهم الحنين، تلك الديار أمست يباباً تنتظر شهقات الحلم البعيد.. كان هجر، كان فجر، كان تمزّق قلوب، وكان غياب.
كيف لليالي أن تنسى صمت الموت حين كان يسري في البراري، وكيف نسي النهار حينها ألم الشهيد؟!
خطوات الجنود ترسمها ظلالهم، يغذّون السير نحو الأفق البعيد.. هاهي الآفاق يلمع بريقها، لتخضرّ حقول وتنبت أشجار.
والحرائق التي التهمت بلاداً، أليست الأشجار اليوم تشرئب أغصانها من تحت الرماد؟!
ليس بالخبز وحده نحيا، إن الحياة قدر البلاد !.