بقلم مصطفى الدناور…..
في عمق البادية السورية على تقاطع الحدود مع الأردن كان الركبان أكثر من مجرد مخيم… كان ملاذًا قسريًا لآلاف السوريين الهاربين من نار القصف وسياط القمع.
سنوات مضت على خيامه الممزقة وتحتها مآسٍ لا تُروى وأوجاع لا تُحصى.
اليوم يغلق الركبان أبوابه ويرحل من بقي فيه بصمت وكأن شيئًا لم يكن
الركبان لم يكن اختيارًا بل مهربًا أخيرًا من رعب النظام البائد.
منذ عام 2014 تجمّع فيه الهاربون من ريف حمص ودير الزور ومناطق أخرى باحثين عن أمان ولو مؤقت في أرض لا ماء فيها ولا دواء.
علقوا هناك بين جدران السياسة والمصالح الدولية حتى باتوا منسيين كأنهم خارج الجغرافيا وخارج التاريخ
انقطعت عنهم المساعدات أُغلقت الطرق وقلّت الخيارات.
إما العودة إلى حضن الخوف والظلم والفساد والاعتقال والقتل أو البقاء في صحراء تنخرها العزلة.
وفي ظل هذه المأساة جاءت الحكومة السورية الجديدة لتعلن فتح ملف الركبان لا بوعود مؤجلة بل بإجراءات على الأرض. سعت بجهد حقيقي لإنهاء المعاناة وتوفير بدائل إنسانية للسكان عبر تنسيق مشترك مع منظمات محلية وفعاليات مدنية.
الحكومة أكدت مرارًا أنها عازمة على إغلاق ملف المخيمات بالكامل وطيّ هذه الصفحات السوداء من سجل السوريين والعمل على عودة كريمة وآمنة للجميع
لم يعد في الركبان سوى الرمال.
الخيام رحلت والأجساد أُبعدت لكن الذاكرة باقية. ذاكرة المكان الذي وُلد فيه أطفال بلا شهادات ميلاد ومات فيه رجال ونساء بلا شواهد.
الركبان لم يكن مجرد نقطة على الخريطة بل قصة كاملة عن الإهمال عن الظلم وعن السوري الذي دفع ثمن حريته من روحه وجسده ومستقبله .
قد يعجبك ايضا