مصطفى الدناور ..
في الساعات الأولى من فجر اليوم حاولت مجموعة مهربين تضم اثني عشر شخصاً التسلل عبر خربة عواد نحو الأراضي الأردنية قبل أن يتمكن الجيش الأردني من إفشال العملية وإصابة عدد من أفراد المجموعة قبل انسحابها و اعتقال أحد أفرادها
هذه الحادثة ورغم خطورتها لا تمثل إلا واجهة صغيرة لمشهد أكبر تقوده الفصائل التابعة للحرس الوطني بإشراف مباشر من الهجري والتي حولت ريف السويداء الجنوبي إلى معبر لتهريب المخدرات والسلاح مقابل المال والغطاء الذي تحصل عليه من شبكات مرتبطة بالنظام البائد وإيران وحزب الله
أما الكارثة الحقيقية التي أثقلت كاهل أهالي السويداء فتتمثل في السيطرة الكاملة لهذه الفصائل على المشتقات النفطية التي تقدمها الحكومة السورية الجديدة لأبناء المحافظة إذ يجري الاستيلاء على حصص الوقود من مازوت وبنزين وغاز ونقلها إلى مستودعات خاصة وبيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة بينما يبقى الأهالي يبحثون عن لتر مازوت لتشغيل مضخة ماء أو بضع ليترات من البنزين للوصول إلى أعمالهم أو أسطوانة غاز لتأمين احتياجات بيوتهم لتتحول المحروقات من حق مخصص للمواطن إلى مصدر ثراء سريع لقادة الفصائل وأتباعهم
وما ينطبق على المحروقات ينسحب أيضاً على المساعدات الغذائية حيث تُحتجز الشحنات الإنسانية التي ترسلها الحكومة الجديدة وتُباع عبر شبكات موالية للهجري في الأسواق بأسعار مرتفعة بعدما تُحرم العائلات الفقيرة من حصصها المستحقة فيما ينشغل قادة تلك المجموعات بتكديس الأرباح وتوسيع نفوذهم داخل المحافظة على حساب جوع الناس ومعاناتهم
ولم تتوقف انتهاكات هذه الفصائل عند حدود النهب بل امتدت إلى اعتقال كل من يجرؤ على معارضتهم وتصفيته كما حدث مع الشيخ رائد المتني وعاصم ابو الفخر التي هزّت المحافظة ما يؤكد أن الفصائل لا تتردد في استخدام القوة المفرطة لإسكات أي صوت يرفض تحويل السويداء إلى إمارة يحكمها السلاح لا القانون حيث يقدّم الهجري التوجيه والغطاء لتلك الجماعات المسلحة التي تتصرف كسلطة مطلقة فوق المجتمع
بهذه الممارسات بات أبناء السويداء يعيشون بين مطرقة الحاجة وسندان الفصائل التي استولت على رزقهم ووقودهم وغذائهم وأمنهم ليبقى السؤال مفتوحاً إلى متى تستمر هذه الشبكات في تجويع الناس وتهديد حياتهم وإلى متى يبقى مصير المحافظة مرهوناً بيد مجموعات لا تمثل إلا مصالحها الضيقة ولا تعترف إلا بمنطق القوة والسلاح