لأول مرة منذ سنوات..سورية على مسار حقيقي للبناء

 

محمد سلام حنورة ..

 

يشكّل إلغاء عقوبات قيصر تحولًا مهمًا في المشهد الاقتصادي السوري، وربما اللحظة الأكثر تفاؤلًا خلال العقد الماضي.

فرغم أن العقوبات لم تكن وحدها سبب الأزمة الاقتصادية ، إلا أنها شكّلت سقفًا زجاجيًا يمنع أي محاولة للتعافي، ويخنق المبادرات الاستثمارية، ويعزل سوريا عن محيطها الطبيعي.

 

اليوم، ومع رفع هذا السقف، يصبح من الممكن تصور اقتصاد يتحرك من جديد، حتى لو ببطء، نحو مساحة أكثر استقرارًا.

 

أولى المكاسب، هي عودة الثقة وهي العنصر الذي يسبق عادة أي تحسن ملموس، فالأسواق بطبيعتها تتفاعل مع التوقعات، ومع أي إشارة إلى انفتاح قادم.

 

ومع تلاشي هاجس الخوف من  العقوبات، سيصبح القطاع الخاص أقل ترددًا، وستعود بعض الديناميكية إلى حركة التجارة والتحويلات، وسيجد المستثمرون الإقليميون أنفسهم أمام فرصة لطرق أبواب أُغلقت لسنوات.

 

إلغاء “قيصر” يفتح الباب أمام عودة مشاريع الطاقة والكهرباء والاتصالات وهي قطاعات قادرة على خلق تأثير مضاعف في باقي الأنشطة الاقتصادية.

 

كذلك يعيد سوريا إلى خارطة النقل الإقليمي، ما يعزز دور المعابر والمرافئ ويعيد الحركة التجارية مع الجوار، خصوصًا الأردن والعراق ولبنان.

 

فسنوات العقوبات رسّخت شبكات غير رسمية في التمويل والتجارة، ومع تخفيف القيود يمكن لهذه الشبكات أن تنكمش لصالح تعاملات قانونية وأكثر شفافية، ما يمنح الدولة والقطاع الخاص قدرة أكبر على استعادة مساحتهما الطبيعية.

 

قد لا يتغير كل شيء بسرعة، لكن شيئًا مهمًا تغير بالفعل، فسوريا خرجت من عزلتها الاقتصادية الاقسى وهذه الخطوة وحدها تكفي لخلق طاقة جديدة في السوق، ولمنح السوريين أملاً عمليًا بإمكانية بدء دورة اقتصادية جديدة أقل اختناقًا وأكثر قابلية للنمو.

 

هذه اللحظة تستحق التفاؤل، لأنها للمرة الأولى منذ سنوات أصبحت  سوريا على مسار يمكن البناء عليه فعلًا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار