د. محمد جمال طحان
في حلب، لا حاجة لاختبار الذكاء المنطقي، ولا حتى لشراء تذاكر مدينة الملاهي… كل ما عليك فعله هو ركوب سيارة أجرة في الساعة الثامنة صباحاً!
هنا، يتحول السير إلى مسرح عبثي، بطلُه شرطي مرور يبتسم في وجه المخالف، ويصفّق لسيارات معاكسة وهي تشق الطريق بـ”عين قوية” و”زمور مدرّب على البوح”.
أما عن الإشارات الضوئية؟ فهي زينة المدن العصرية! عندنا إشارة حمراء تعني “أسرع قبل ما تصير خضرا”، والخضراء “دُق زمور وامش حتى لو في عروس بتمر من الزفة”، أما الصفراء فهي للإعلانات السياسية المهترئة.
ومن أبرز المعجزات المرورية في المدينة: “السرفيس الطائر” الذي يركن أينما شاء، ويغادر متى شاء، ويختفي فجأة كأنه من أفلام الخيال العلمي.
“الدراجة النارية المفخخة بالتهور”، وهي لا تتقيد بقانون ولا شارع ولا رصيف ولا حتى قوانين نيوتن.
“الرجل الذي يركن سيارته في منتصف الطريق لأنه نزل يشتري خبزاً ونسى أنه سائق.
و الأطرف من كل هذا، أن من يرتكب المخالفة هو أول من يلعن النظام المروري… وهو نفسه الذي يسأل: “مافي شرطة؟ “،
كل يوم، تخسر المدينة ساعات من عمرها خلف “فانات مدارس” تصرخ أكثر مما تمشي، و”شاحنات زبالة” تقطع الطريق لتذكّرنا أننا نعيش وسط نفايات من كل الأصناف، بدءًا من النفايات البيئية وانتهاءً بالنفايات الأخلاقية.
أما الحل؟ فموجود طبعاً… لكنه يحتاج إلى “موقف” قبل أن نبحث عن “مواقف السيارات”.
نصيحة للمسؤولين: أتمتة الإشارات الضوئية وربطها بكاميرات مراقبة حقيقية، تُسجل المخالفات أوتوماتيكياً وتغرم الفاعل فوراً. إطلاق تطبيق ذكي يتيح التبليغ عن أي مخالفة مرورية بصورة وفيديو، وتقديم مكافأة للملتزمين. منع الوقوف العشوائي أمام المدارس والأسواق، عبر تخصيص دوريات شرطية فعلية تردع المخالفين. تشديد العقوبة على من يستعمل الكذب والالتفاف للنجاة من المخالفات، ومكافأة عناصر الشرطة الذين يرفضونها.
السير في حلب لا يحتاج إلى عجلة، بل إلى “عقل” و”عدل”. وربما آن الأوان أن نُفرمل المجاملات ونضغط على دواسة الإصلاح.