جهاد جمال …
تحولت شوارع مدينة حلب إلى صورة يومية من الفوضى المرورية المستمرة، حيث يختلط الاتجاه المعاكس بالاصطفاف العشوائي، وتتحول الأرصفة والممرات إلى مواقف سيارات، في مشهد لا يعكس فقط غياب النظام، بل يكشف عن تراكم طويل في سوء التخطيط والإدارة المرورية.
في قلب المدينة، لا يكاد يخلو شارع من مركبة تسير في الاتجاه المعاكس، حتى بات الأمر وكأنه قاعدة لا استثناء. هذا السلوك، الذي بات شائعًا، لا يعبّر فقط عن تهور السائقين، بل عن غياب الردع والمحاسبة، وهو ما زاد من حجم الأزمات والاختناقات.
ويزداد المشهد سوءًا مع الاصطفاف المزدوج على جانبي الطريق، حتى في الشوارع الضيقة، ما يتسبب بشلل مروري شبه دائم، خاصة في ساعات الذروة. ويزيد الطين بلة وجود مواقف رسمية مخصصة لسيارات السرافيس في مناطق مكتظة، ما يجعلها سببًا مباشرًا في عرقلة السير بدلًا من تنظيمه.
كما أن إشارات المرور في أكثر من تقاطع رئيسي إما لا تعمل، أو تعمل بشكل غير منتظم، ما يجعل حركة السيارات عشوائية، ويضاعف من خطر الحوادث. في المقابل، يعاني توزيع رجال شرطة المرور من اختلال واضح، إذ تغيب عناصر الشرطة في النقاط الحساسة والمزدحمة، وتكثر في أماكن أقل أهمية، وكأن وجودهم مجرد حضور شكلي لا أكثر.
أحد أكثر المشاهد المثيرة للسخط هو دخول السيارات إلى العبّارة التي يُفترض أنها صُممت لتكون منطقة تجميلية وسياحية تحوي محلات وممرات للمشاة. بدلاً من ذلك، تحولت إلى طريق مختصر للسائقين وموقف غير قانوني، فتبددت الغاية الجمالية والخدمية من المشروع.
الفوضى المرورية في حلب ليست مجرد مشهد عابر، بل حالة متجذرة بحاجة إلى قرارات حازمة وتخطيط حقيقي. فلا يكفي أن نضع إشارات مرور أو نرسم خطوطًا على الأرض، بل يجب أن يُعاد النظر في توزيع الشرطة، وتُفرض مخالفات جدية، ويُعاد تخطيط مواقف السرافيس، وتُحمى المساحات العامة من الاستباحة المستمرة.
الشارع ليس ملكًا للفوضى… بل يجب أن يكون انعكاسًا لنظام المدينة ورقيّها.