“حوار مع الأديبة العربية المعاصرة” ومبدعات في النقد والشعر ضمن فعاليات اليوم العالمي للغة الأم

الجماهير – بيانكا ماضيّة

تحت عنوان (حوار مع الأديبة العربية المعاصرة) واحتفاء باليوم العالمي للغة الأم، أقامت مديرية الثقافة بالتعاون مع جمعية العاديات أمسية شاركت فيها كل من الدكتورة ميسون شوا، والشاعرة رولا عبد الحميد، والأديبة ضحى عساف، فيما أدارها الدكتور فايز الداية، وذلك في مقر جمعية العاديات بحلب.
وقرأت الدكتورة شوا مقاطع من نصوص لكل من الأديبتين مي زيادة، وغادة السمان، لتقف في تحليلها النقدي على أهم ما يميز الأديبتين زيادة والسمان، وسمات لغتيهما، وانعكاس شخصيتيهما على هذه اللغة، وأشارت إلى أن مي زيادة كانت لها معاناتها فهي فلسطينية لبنانية من أصل سوري، لكن إقامتها في مصر كان لها الأثر في أدبها، عانت الكثير وهي صغيرة، طبيعة عمل والدها، التنقل من مكان إلى آخر، لأنه كان معلماً، وقد عاشت وحدها فترة في دير الراهبات، هذه الفترة التي عاشتها كان لها الأثر في كتاباتها. ثم قرأت من نصوصها، ومنها نصان بعنوان: (بكاء الطفل) و(دمعة على المغرد الصامت) لتشير إلى ظهور شخصية مي الحزينة التي شعرت بألم الغربة والوحدة فيهما، نتيجة وجودها وحيدة في مدرسة دير الراهبات، وقد انعكست هذه الشخصية على لغتها وأسلوبها، مؤكدة أنه عند اختيارها عنصرين ضعيفين (الطفل) و(الطائر) حاولت أن تسخر معجمها اللغوي باختيار ألفاظ تخدم هذا الموضوع معبرة عنه بأساليب متنوعة، مستفيدة من جمال اللغة وسعة مفرداتها ودلالتها، وتعدد أساليبها وتنوعها، فكان الأسلوب الإنشائي والسرد الفني التعبيري والتصوير الفني التخييلي الذي يسخر الموجودات ويشخصها ويجعلها تتفاعل مع الكاتبة المبدعة وتتأثر وتنفعل بها.
أما عن غادة السمان، فقد اختارت نصوصاً من مجموعتها (رسائل الحنين إلى الياسمين) مؤكدة إسهابها في التعبير عن مشاعرها الداخلية، في الحنين إلى الوطن، وشغفها للعودة إلى مدينة الياسمين، ومنها نص (رسالة امرأة صارت غيمة) و(رسالة المرايا المكسورة) و(رسالة لم ترسل) و(رسالة من بومة متفائلة) لافتة إلى أن ما يربط بين هذه الرسائل هو الربط بين الماضي والحاضر، ماضي الكاتبة وحاضرها ومستقبلها الذي تسعى إليه. فيه نقمة على الرجل حيناً وحب له حيناً آخر، رفض للانقياد إلى الرجل على الرغم من محبتها له فهي تنشد الحرية، تأخذ من الطبيعة أحياناً، تحاكيها وترفض الضعف والاستكانة، في داخلها متناقضات تتصارع معها دائماً لتنقلها إلى الورق، هي تنسى ولا تنسى، تحب وتكره، إضافة إلى ظهور الأنا في هذه المجموعة.
أما الشاعرتان رولا عبد الحميد وضحى عساف فقد شاركتا بقصائد شعرية في هذه الأمسية، فقرأت الشاعرة رولا ثلاث قصائد، ومنها قصيدة بعنوان (بنت حلوة) تقول فيها:
بنت حلوة، حلوة جداً/ ضفائرها ماس بني/وقلبها لؤلؤة من أبعد قيعان/ قلائدها عقيق الجدات/ أساورها كلمات من ريحان/ بنت حلوة أماه/ تلبس الزمرد وتختال بسندس وضاء/ تمضي الليل وترفل بالصباح/ تقتات السكر المعجون بالمن/ وشرابها كافور وعصير رمان/ بنت حلوة أماه/ سباها المارد الأسود ذو مخلبين من نار/ وسيف بتّار/ وراحت تعدو وحدها في الغاب/ غاب فيه نمور وسباع/ وخنساء في قبة السماء تعجن كلماتها الملاء/ وتنظر من الكلة الضيقة ماذا فعل المارد بضفائر الحسناء/ وتنادي رباه أغث صغيرة كلمى/ ويصير النداء غيمة/ تروح الغيمة وتبقى بنت حلوة أماه/ سبية بكوخ مشتعل/ ويشتعل وشاحها/ وتحترق الزمردات/ ونحن نيام/ وبنتنا الحلوة في أيدي الغزاة/ جارية غدت الأميرة/ والحصان الأشهب يحمحم وحيداً في الجوار/ ومن عنترة في الجوار؟!/ قبلت وحدي ونظرت في عينيه وكلمني وأجاد الكلام/ سألني عن بنت حلوة وأساور من ماس/ عن قلب من سنا الأسحار/ يا ويح روحي لم تجب/ ولاذت بظل نخلة عجماء/ السماء تجود بوابل مدرار/ وسفينتي ورقية وشراعها سؤال/ الكلمات صماء/ وبنت حلوة سباها المارد واقتات بنانها الغضّ/ وغرس خواتمها في وريد القمر/ سبوا البنت/ سبوا القمر/ نوحي أوردتي وانزوي في خيمة من ضباب/ ويا قصائدي حلّقي واعتصمي في قمة جبل يعصمك من الطوفان/ وغرّدي على الغصن النائي/ وغنّي ورددي/ بنت حلوة/ سباها المارد ونحن نيام.
فيما قرأت الأديبة الشاعرة ضحى عساف قصيدتين الأولى بعنوان (رحلة على الورق) والثانية (عزف منفرد)، وتقول في قصيدتها الأولى:
أتجزأ كشعاع نور بنصل من سحاب/ أنا الجراح في خلية واحدة/ وأنا الهيكل المصلوب في معبد/ أتوارى كظل حور ضاع في ظل رمادي/ أغيب وإنني الحاضر الماضي/ وأنسكب كينبوع من الأشواق مرت بأشلائي وإنني لست أهلاً للغياب/ أموت وأحيا بعد ساعة القيامة/ أعيد ترتيب المكان/ وفي ذاكرته شواغر للفقد، للأمس، لحمرة الشمس الخجولة/ للعشاق، ضحكاتهم أصواتهم/ وأمضي طويلاً في طريق السراب الذي/ سبقني في خطاه.
أحتسي الهواء بفنجان غيم/ أنهمر كودقٍ هزّ أوراق الخريف/ كأنني حجر الرصيف/ أنا لست أهلاً للغياب/ كأني أقول ولم أقل/ وكأني وصلت ولم أصل/ وأنا الغريب في منفى/ وأنا الشراع دون شواطئ/ بل إنني جرح القصيدة.
أتجزأ خلف أجزائي/ وأتوارى ثم أغرب/ أنهمر أتشظى أموت وأحيا بعد سكرات القيامة/ وألد ألف زنبقة لروحي..وزنبقة/ وما زلت أنا السليب رهن لأوراقي.
رقم العدد 15896

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار