برشيني وسباعي وحسّو في أمسية أدبية للجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون

الجماهير- بيانكا ماضيّة

ضمن البرنامج الثقافي للجمعية العربية المتحدة للآداب والفنون، أماسينا الأدبية (4)، أقامت مديرية الثقافة في حلب وبالتعاون مع الجمعية أمسية شعرية قصصية، شارك فيها كل من الأدباء: أديل برشيني، د. ملاك سباعي، وليد حسّو، فيما قدم للأمسية عبد العظيم ملا.
وقرأت الشاعرة برشيني قصائد عديدة، تراوحت ما بين العمودي والمنثور والزجلي، منها قصائد وطنية، وأخرى وجدانية زاخرة بالمعاني الثرة تجمع فيها كل أوجاعها وآلامها التي خاضتها. وفي القصيدة العمودية التي أهدتها لشهداء أمتنا الذين ضحوا من أجل بقائنا، قالت:
بلادي قصيدٌ هل نظمت فريده
فرائد يسقيها الندى ويوعّدُ
على رغم أنف الظلم قلبكِ راشدٌ
على الشر محتجٌ، عن الحق ذائدُ
لقد كنت فخراً للبلاد وعزة
عزيز علينا أن تهان العقائدُ
وأنتِ ابتعدت الحب بعد زواله
وفياً، فنبع الحب دونك راكدُ
وأنت رسمت النصر مجداً محرراً
تسير إلى العلياء منه روافدُ
سحائب قد مدت على الكون طيفها
تغاث بها أرواحنا وتجالدُ
فإنك عينٌ للعروبة كلها
وشاهد عدل للمآثر خالدُ
أرادوك ثكلى وابتغوك جنازة
وهذا الذي تأباه جندٌ أماجدُ
أخا العرب إن الحب هذا محله
عزيز عليه أنك اليوم جاحدُ.
أما في القصائد المنثورة التي زخرت بجمالية الصورة الشعرية وتضافر كل من الإيقاع والموسيقا والارتباط باللغة وأدواتها، تنطلق فيها من الذات والإيحاء من خلف الموسيقا الداخلية للنص والمنسجمة مع خيالها والواقع التي يفيض عليها بالصور، وقد قالت في قصيدة بعنوان (أحيا بعمق السماء):
تضيء ترانيم روحي ابتهالاً/ فيزهر صوتك فيّ/ ويصبح ليلي مثل النهار/ أبوح بشكواي/ أبسط نفسي كأرض تود النهوض لتلثم زهر يديك/ تلوى الأنين بموج عيوني/ وأنت تساهر غيث جروحي/ تراءف على القلب خلّص دموعي/ دعوتُك منذ زمان تقدمت في الصبح/ سكتّ وجدي/ عبرت إليك/ لتشعل صمت البخور بجمرة سهدي/ عطفت بشوقي وأمسكت جفني لأصنع هيكل قدسك في كأس شمسي/ ومنها نسلت الجمال ودفء الحنان وآيات نورك/ أضئني بوجهك/ أنت القريب/ أمل رعشة النبض في مسمعيك/ وجئت كطيف غريب/ أغني سكون الظلام بواد كئيب.
أما القاص وليد حسو فقد قرأ قصتين الأولى بعنوان (لذة الوصال) والثانية بعنوان (درس) وفي الأولى تحدث عن حالة المثقف النزق، المصطنع لحركاته في المقهى، والذي يستشهد بأقوال المفكرين والأدباء، وله رأيه الخاص في الخيانات الأدبية والزوجية. ومنها نقتطف البداية التي قال فيها: وكالعادة ومن مكانه المعتاد في الزاوية اليسرى من باب المقهى، يطالعه الوجه الحزين لماسح الأحذية، يلقي عليه التحية ويلج المقهى كعادته مسرعاً، ممنياً نفسه بأن يجد طاولته المفضلة، فارغة لايشغلها أحد. وضع محفظته على الكرسي وخلع سترته بحركة مسرحية، ووضعها على كتف الكرسي. فتح المحفظة وأخرج منها كتبه وأوراقه وجرائده، وطبعاً لم ينس موبايله، ووضع الأشياء جميعها أمامه على الطاولة، وكان وهو يقوم بهذه الحركات، يتلفت يميناً ويساراً ويلقي التحيات الحارة هنا وهناك، وحتى الميتر “فريد” والنادل “شكري” لم يسلما من تحياته الحارة وضحكته المرسومة بأناقة على وجهه.
استقر أخيراً على كرسيه أمام طاولته، ألقى نظرة متأملة على الأغراض المبعثرة على وجه الطاولة، وهو لايدري من أين سيبدأ، ولكنه قبل أن يأتي بأي حركة استغرق في التفكير لوهلة قصيرة، وبدأ يحدث نفسه قائلاً:
-اللعنة، لماذا أخرج من البيت كل يوم، هل شبق الطقس الذي يلازمني كمثقف هو الذي يدفعني إلى الخروج من البيت؟!
وبالرغم من أن صوت زوجته كان يلاحقه كسياط لاذعة تلسع ظهره بعنف: (لاتنسَ، لاتتأخر، اجلب لنا، اشتر كذا وكذا) وهكذا فقائمة الطلبات تبدأ ولاتنتهي.
مد يده إلى إحدى الجرائد الموضوعة أمامه بإهمال والتقطها بسرعة، بحركة سريعة نزقة، سكنت الجريدة بهدوء بين يديه المتشنجتين، النزقتين اللتين كانتا تفتحان صفحات الجريدة بنزق وتأفف كمن يقرأ خبراً مشاكساً للروح والقلب.
إلى أن قال في نهايتها: ونهض بحركة مسرحية لاتخلو من كبرياء الديك وهو يعلن ميلاد صباح جديد، واتجه صوب طاولته وأخرج قلماً وبضع أوراق بيضاء من محفظته وبدأ بالكتابة التي تهبه لذة الوصال.
أما الدكتورة ملاك سباعي، فقد قرأت قصصاً قصيرة جداً، جاءت الأولى بعنوان (فقط لو)، والثانية بعنوان (طيران) والثالثة (باليه) والرابعة (أمومة) والخامسة (حكاية مدينة اسمها حلب) وقد تنوعت هذه القصص ما بين قضايا متعددة تغلب عليها قضية المرأة بكل ما يحيط بها من مشكلات اجتماعية، صاغتها السباعي بأسلوب جميل، ذي جمل سردية مختزلة. وفي قصة (أمومة) قالت:
سألها بخجل: كيف حالك؟! أجابت بجرأة: أولادي بخير. الحمد لله.
أعاد السؤال بطريقة أخرى: والحب والسفر ورحلتنا معاً في الحياة؟! أجابت بدون تردد: أولادي لايعرفون وجهتهم بعد.
عاود السؤال مع ابتسامة إغراء: ألا تدرين أنك جميلة؟! ألم تخبرك مرآتك بذلك؟! أجابت: بلى فقد قالت لي المرآة بحدسها الأنثوي أنك مجرد رجل، أما أنا، أنا عالمهم: أنا الأم!.
وفي نهاية الأمسية قدم الأديب جورج سباط مداخلة تحدث فيها عن المعاني التي تضمنتها القصائد والقصص، متوقفاً عند كلّ منها.
رقم العدد 15911

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار