المخرج السلتي ” للجماهير ” : الفنان الحلبي لم يأخذ حقه في الدراما السورية لعدة أسباب .. المنتج الدرامي السوري يعاني من الحصار الخارجي.. النقابة كان أداؤها خجوﻻ خلال اﻷزمة بسبب نقص اﻹيرادات

 

الجماهير / نجود سقور

نفس إخراجي مميز يبشر برؤية فنية جديدة يمتلك الموهبة مدعمة بالمعرفة يلامس المعاناة اﻹنسانية بطريقة فنية بسيطة يقبل النقد بكل رحابة صدر عمل كمساعد مخرج في 18 عمل تلفزيوني وفي رصيده المسرحي مايقارب 92 عرض مسرحي كمؤلف وممثل ومخرج حاز على عدة جوائز في التأليف و اﻹخراج المسرحي وشارك مساعد مخرج في فيلم تراب الغرباء،(خان الحرير، الثريا ، فتافيت ،الناس بلا الناس، أخوة التراب وأخيراً مسرحية أصحاب الهمم ) عناوين ارتبطت باسمه وتذكرنا به ، إنه المخرج صالح السلتي الذي كان ” للجماهير ” هذه الوقفة معه :
– بداية ما الذي جعلك تعشق التمثيل واﻹخراج وتتجه إليه؟


– يقال مشوار اﻷلف ميل يبدأ بخطوة وأنا الخطوة اﻷولى في مشواري بدأت في فيلم ميديا اﻹيطالي من إخراج العالمي بيرو باولو بازوليني 1969 الذي صور الجزء اﻷكبر منه بحلب وفي ذلك الوقت كانوا بحاجة إلى أطفال للمشاركة معهم في الفيلم فكنت الطفل المحظوظ من بين 4 أطفال اختيروا من أصل مائة طفل وحاز الفيلم الذي جسدت فيه دور ابن ميديا في تلك اﻷيام على جائزة اﻷوسكار ومن هنا بدأ عشق التمثيل لدي وتكرس ذلك الهوى بتمثيلي مع كبار الفنانين الحلبيين في مسرحية هبط الملك في بابل حيث شجعني نجم الدين جمالي ويعمل لدى مسرح الشعب وتوسط لي عند والدي الذي كان معترضا على عملي في التمثيل وتابعت العمل بمهرجانات الشبيبة وفرق مديرية الثقافة كما قمت بإخراج مسرحية المفتاح لمسرح اتحاد طلبة الجامعة وأنا في الصف الأول الثانوي وكرمت وزملائي على تلك المسرحية…وفي عام 1970 انتسبت لنقابة الفنانين ، جاءني قبول في معهد آي ديك للإخراج السينمائي في فرنسا ولكن ظروف عائلية منعتني من اﻻلتحاق بالمعهد وبعد تخرجي من المعهد الصناعي كنت من بين الثلاثة الذين تم ترشيحهم للبعثة الداخلية لدراسة الإخراج السينمائي في دمشق والتي أعلنت عنها وزارة اﻹعلام فدرست في معهد التدريب الإذاعي والتلفزيوني سيناريو وإخراج سينمائي ما حفزني بأن قدمت سيناريو قادني لنيل الجائزة اﻷولى للسيناريو.
– لما المسرح ومالسبب في ذلك؟
لم يكن في حلب وجود لدائرة إنتاج تلفزيوني ونحن كحلبيين متعلقين بالمدينة التي ملكت وأسرت قلوبنا فبقيت فيها ولم تغريني العاصمة ، والمستقطب الوحيد كان المسرح كما للتعامل مع المسرح متعة خاصة حيث تجذبك الخشبة و اللقاء المباشر مع الجمهور وردة الفعل اﻵنية واللحظية ، ومع ذلك ورغم توجهي للمسرح كنت من ضمن المؤسسين لمعظم شركات اﻻنتاج التي تأسست في حلب ومنها شركة حلب الدولية لمؤسسيها أحمد شهابي وعمر حجو والليث حجو و من أعمالها خان الحرير والثريا ، ومؤسسة فينوس والشهباء والبهاء والتي أنتجت مسلسل باب الحديد.
– لكل امرئ رصيد يمتلكه في عمله مارصيدك من العمل الفني وماهي اﻷعمال التي اقترنت باسمك؟
– ” الناس بلا الناس ” من تأليفي وإخراجي ومسلسل ” فتافيت ” وبرنامج رمضاني ” قصص من القرآن الكريم ” ومسلسلات ” خان الحرير والثريا وأخوة التراب ” وكان لي دور بسيط في مسلسل وادي الذئاب التركي بينما وصل عدد أعمالي المسرحية إلى 92 عمل كمؤلف وممثل ومخرج آخرها مسرحية أصحاب الهمم لفرقة السلام لذوي اﻻحتياجات الخاصة والفرقة تابعة لوزارة الثقافة مديرية المسارح والموسيقى و عرضت في احتفالية حلب عاصمة الثقافة السورية وفيما يخص السينما شاركت كمساعد مخرج وممثل في فيلم تراب الغرباء ،النساء والقدر،محروس ودبوس والتحدي، إضافة لبعض اﻷعمال في مجال اﻹعلانات وإخراج الفيديو كليب.
– يقال إن المخرج رجل التفاصيل الدقيقة كيف ذلك وهل يجوز أن يتدخل في سيناريو المادة الفنية؟
– نعم هذا القول ﻻيخلو من الصحة ﻷن على المخرج اﻹلمام بكل تفاصيل السيناريو وتكوين فكرة شاملة عنه ويصحح ويدقق ويتدخل أحيانا في أدق التفاصيل ، و باعتقادي كمخرج يجب أﻻ ينفذ النص بحذافيره فقد يكون فيه إطالة أو يحتاج إلى إجراء تعديلات لذلك أعيد ترتيب هيكليته حسب رؤيتي الخاصة بدءاً من السيناريو وتعديله ورؤية مدى تناغم اﻹضاءة والديكور والملابس وصوﻻ لتوجيه الكاميرا والممثلين.
– ماهي أهم الصعوبات التي تواجه الدراما الحلبية ؟


– كانت ومازالت تواجه الدراما الحلبية صعوبات أهمها عملية التسويق وتوزيع العمل الفني وبعض شركات اﻹنتاج التي أصبحت تعمل وفقا ﻷهداف معينة وهو ما أنتج أعماﻻ لم تكن بالمستوى المطلوب ورفض تلك الشركات ماتطلبه شركات التسويق ممايؤدي لتوقف بعض الشركات اﻹنتاجية عن اﻹنتاج والدراما السورية.. اليوم ﻻتستطيع أن تتجاهل الحرب وهذا أدى لمقاطعة الدراما من بعض المحطات العربية التي ﻻتريد عرض هذه الدراما مما زاد في قلة تسويق المسلسل السوري عامة.

– هل تعتقد أن الفنان الحلبي أخذ حقه في الدراما السورية ؟
– الفنان الحلبي في فترة تأسيس التلفزيون السوري يمكن أن أقول أنه أخذ بعضا من حقه أمثال أحمد عداس ،رضوان عقيلي.. محمد طراقجي ولكن في وقتنا الحاضر الممثل الحلبي حقه مهضوم بالكامل ﻻدور له في الدراما السورية ويعود ذلك إلى أن الفنان الحلبي ﻻيرغب باﻻنتقال الى دمشق ﻹكمال مشواره الفني فهو يفضل أن يبقى في حلب ﻷن ذلك يكلفه أعباء مادية وهناك مايتعلق باعتقاد خاطئ أن الممثل الحلبي بارع في التمثيل على خشبة المسرح أكثر من تعامله مع الكاميرا التلفزيونية علما أن الممثل الحلبي مبدع وموهوب يحتاج لمن يقدره ويلقي الضوء عليه ويعطيه الفرصة المؤاتية، فالقضية قضية مبدأ ، الفنان الحلبي مثل أي فنان تمنعه كرامته في إقحام نفسه دون التوجه له بطلب للعمل ، هذا ﻻينفي أنه يوجد تقصير من قبل الفنان وأيضا ﻻيخفى التأثير الكبير للأزمة على الكل قاطبة والفنان خصوصاً.
– في العام الماضي أقيم مهرجاناً مسرحياً في حلب ماوجهة نظرك بفكرة إقامة المهرجانات و ما هو تقييمك للأعمال التي قدمت فيه وهل عالجت النصوص المعروضة مواضيع تحاكي الواقع؟


– فيما مضى وقبل 25 عاما كانت أعمال المسرح تضاهي العالمية لكن للأسف تراجع مستواها وتدنى رغم وجود مواهب شابة وكل ماقدم في المهرجان أعمال هزيلة وهشة ﻻ تلامس العمق ويمكن وصفها بالمحاوﻻت الخجولة لذا وجب علينا أن نطور ذواتنا من خلال عروض وتجارب اﻵخرين التي تعرض في المهرجانات المسرحية والتي هي في بعض حاﻻتها تكون فسحة لعرض التجارب المسرحية من شأنها رفع سوية العروض .
يقال المسرحية الناجحة يلزمها مخرج عبقري ومؤلف جريء وممثل مبدع ..فما رأيك..؟؟
– العمل المسرحي الناجح يعتمد على تكامل وتضافر جميع عناصر العمل المتمثلة بالمخرج والممثل والسيناريو الجيد واﻹضاءة والديكور واﻷهم هو نوع السيناريو والمادة التي يقدمها العمل فهي أهم ركن في العمل الفني الكامل شرط أن تلامس مشاعر اﻹنسان وتجسد واقعه وتكون حاملة لرسالة سامية عندها يحقق المسرح المتعة والفائدة و ﻻ يكون مجرد مسرح استعراض وتسلية.
مارؤيتك لثنائية المخرج الممثل؟
– أنا لست ضد هذه الظاهرة فبعد أن يكتسب الممثل الخبرة من أرض العمل الفني و يكون أصلاً ممتلكا للموهبة والرؤية الفنية مما يؤهله نوعا ما لممارسة اﻹخراج وربما زاد من انتشارها عدم وجود معاهد خاصة لدراسة اﻹخراج .
– اختيار الممثل وإعطاؤه الدور كيف يتم ذلك ومن المؤكد هي مهمة المخرج؟
– اختيار الممثلين وتوزيع اﻷدوار جزء مهم من الخطة اﻹخراجية وتجسيد الشخصية المكتوبة على الورق الى شخصية تنبض بالحياة إذ على المخرج فهم كل مايقوله النص وترجمته إلى صورة.
– حبذا لو تخبرنا ماهي وجهة نظرك عن أسلوب نجدت أنزور اﻹخراجي؟ سعى أنزور نحو تغيير الشكل التقليدي الكلاسيكي للإخراج متبعا طريقة جديدة في اﻹخراج باعتماده على التصوير السينمائي بأسلوب حديث ومواقع تصوير خارجية واﻻبتعاد عن اﻻستديو حيث المشاهد باتت أكثر واقعية وخاض هذه التجربة في تصوير مسلسل نهاية رجل شجاع باستخدام الكاميرا الواحدة حيث يصور المشهد أكثر من مرة وفي كل مرة يتم تغيير وضع الكاميرا لتصوير نفس المشهد من زاوية واستمر في استخدام هذا اﻷسلوب في الجوارح والكواسر وهو ماشكل نقلة نوعية في الدراما السورية
– هل تتقبل النقد؟
بالضرورة عندما نقدم عملاً فنيا سيكون عرضة للنقد وأنا أحترم وجهة نظر الناقد ولما يتعرض العمل للنقد لا يعني انتقاصاً من قيمته بل قد يثير بعض التساؤﻻت ويبحث في السلبيات تلافيا لتكرارها
– هل فعلا هناك أزمة مسرح ؟
ليس هناك أزمة مسرح بقدر ما هناك أزمة تتعلق بالتقنيات وأزمة أزمنة وأمكنة وأزمة أجور.
– هناك انطلاقة ملفتة للمسرح الشبابي الجامعي هل هو اﻵخر تأزم ؟
– المسرح الشبابي أزمته تتعلق باﻷزمة العامة للبلد لكن يوجد في سورية جيل من الشباب يسعون لإيجاد فرصهم بأيديهم وهؤﻻء الشباب يحتاجون للدعم ليرتقوا درجات السلم المسرحي.
– نقابة الفنانين هل لعبت دورا فاعلا فيما يخص الفنان خلال اﻷزمة؟
– النقابة كان أداؤها خجوﻻ خلال اﻷزمة بسبب نقص اﻹيرادات فقبل اﻷزمة كان إنتاج التلفزيون واﻹذاعة يقارب 45 مسلسلاً في السنه تقلص إلى 2-3مسلسلات وكما ساهم ضعف التسويق كون المسلسل السوري لم يعد يسوق نتيجة الحرب الاقتصادية التي فرضت على نشاطات البلد برمتها في تقليل اﻹيرادات مما انعكس سلبا على واقع معظم الفنانين إن لم نقل الكل مع اﻷخذ بالحسبان بعد اﻷزمة لم يبق سوى 12فناناً من أصل41 فنان وهذا كله دفع بالنقابة إلى أن تجيز لمن لديه مشروع عمل فني يشتغل عليه ويقدمه وﻷجل ذلك ورغم الظروف الصعبة استطعت أن أخرج عمل مسرحي في عام 2014بعنوان “حلبي وبيدونة وأمبير”من قلب الواقع الحلبي وكان عمل ناجح حاز على إعجاب جماهيري كبير وعرض في حلب واللاذقية لمدة 3 أشهرعلى مسرح نقابة الفنانين.
هناك المزيد من اﻷعمال في ذخيرة وجعبة المخرج قيد الدراسة والتنفيذ تنتظر أن ترى النور قريبا وتوطد مسيرة المخرج اﻹبداعية.
ت هايك
رقم العدد ١٥٩٢٤

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار