الفنان التشكيلي مسلماني: باستخدام الحاسوب أحاول أن أغير الصورة النمطية للخط العربي…هدف أعمالي الفن وليس الكسب المادي … ضرورة تنشئة أجيال المستقبل على أهمية الخط العربي

 

الجماهير – أسماء خيرو

برؤية معاصرة عمل على استيلاد منجزات جرافيكية من الحضور القوي للحرف العربي، مستمداً المضمون من حدث أو موقف أو بيت شعر أو آية قرآنية، يستخدم الخط العربي الذي عشقه منذ طفولتهِ، لإنتاج لوحة حروفية تقنية، وباللون المدروس والفكرة الموحية غيّر الصورة النمطّية للخط العربي، وأعطى أهمية لما يَملكهُ من حركة تعبيرية وحوارية .
إنه الفنان التشكيلي د. حسن مسلماني المولود في مدينه حلب، عمل مدرساً لأصول الفن الحروفي والأرابيسك، وتصميم الفونت العربي الحديث، للمحارف العربية باستخدام الحاسوب، في مركز فتحي محمد للفنون التشكيلية بحلب، هو عضو مؤسس لجمعية أصدقاء فتحي محمد للفنون التشكيلية، بالإضافة إلى أنه عضو دائم في مركز فيينا لفن الخط /Vienna Calligraphy Center / النمسا، ، وعلى الصعيد المهني يعمل في وقتنا الحاضر مدرساً لنظم الاتصالات، وأمن المعلومات في كلية الهندسة، قسم هندسة اتصالات وتكنولوجيا معلومات في جامعة خاصة، له العديد من المشاركات في معارض فردية وجماعية في كل من سورية، ولبنان، وألمانيا و النمسا.
وفي لقاء للـ (الجماهير) معه تحدث الفنان التشكيلي مسلماني عن رحلته التقنية مع الخط العربي، إذ يقول : تجربتي التقنية مع الخط العربي، بدأت منذ أن كنت أعمل مدرساً، في مركز فتحي محمد للفنون التشكيلية، إذ عملت على إحداث شعبة خاصة للعلوم التكنولوجية، وأطلقت عليها تسمية ( استخدام الحاسب في الخط العربي)، وصممت العديد من البرامج الخاصة التي تمكن الطالب من أن يبتكر أشكالاً جديدة من الخطوط، إضافة إلى الخطوط المتعارف عليها والتي منها ( الفارسي – والديواني ، والكوفي – والثلث) .


وبعد ذلك شاءت الظروف أن أسافر إلى البلاد الأوروبية وهناك اطلعت على التقدم العلمي في هذا المجال، فاجتهدت كي أطور مهاراتي وموهبتي الفنية، وتخصصت في مجال الجرافيك، وهذا يعتبر اختصاص نادر جداً في سورية، ولكنه اختصاص يتيح للفرد الإبداع.
وعن ميزات استخدام الحاسوب في تشكيل الخط العربي يتابع مسلماني قائلاً : تشكيل الخط العربي باستخدام الحاسوب له ميزات عديدة أبرزها توفير المواد الخام، وإمكانية التعديل أو الإضافة، وتوفير الوقت والجهد ، والمرونة في انتقاء الألوان والخطوط أياً كان نوعها، واختصار المساحة، وهذه الميزات صحيح أنها أدت إلى تقليص عدد المهتمين بإنتاج الأعمال الخطية يدوياً، ولكنها بالمقابل أدت إلى جذب أعداد لا بأس بها من محبي الخطوط، كي يتم إنتاج أعمالهم الفنية، سواء الطباعية أو التشكيلية بتقنية الحاسوب.
وعلى الرغم من أن الفنان مسلماني يستخدم التقنية لإنتاج أعماله التشكيلية، إلا أنه مازال يفضل أن يعود لاستخدام القصبة، وإنتاج أعماله يدوياً، إذ يقول:
العمل بالقصبة أو الريشة لهما نكهة ومتعة خاصة، لايمكن الاستغناء عنهما، ولكن مواكبة التطور وعدم وفرة المواد الخام، هما من فرضا هذا العلم، ولذلك يشكل الحاسوب في وقتنا الحاض بديلاً جيداً لعملي في ظل هذه الظروف، حيث مكنني من أن أنجز أعمالي الفنية، وتنسيقها بدقة، وبالأخص أعمالي الحروفية، التي أعتمد فيها على استخدام “خط الثلث”، كون هذا الخط من الخطوط المفضلة لدي لأنه من الخطوط الصعبة التشكيل، إضافة إلى أنه يكثف الإحساس بالجمال ويولد لدي نوعاً من أنواع من التحدي، كون القلائل من الفنانين، يقدمون على استخدامه، في أعمالهم الخطية، وهذا لايعني أني استغنيت عن استخدام بقية الخطوط في أعمالي، فعلى الخطاط أن يستخدم جميع الخطوط وتكون لديه خلفية معرفية بأنواعها المختلفة، ولكن عليه أن يتخصص بنوع واحد من الخطوط، وبما أن خط الثلث يستهويني واعتبره ملك الخطوط، تخصصت به، ومع ذلك أحاول دائماً أن أضيف مايميزني عن غيري من الفنانين ، وأحاول أن أبتكر نوعا جديداً من الخطوط وتشكيلات جديدة، بتكوينات وألوان وضاءة، وعندما أبتكر ماهو جديد، أكون كالشاعر الذي له خبرة معرفية بكل أوزان الشعر وتفعيلاته، ومع ذلك ينتج ماهو استثنائي لضرورة الشعر، وكذلك عملي فيه استثناءات لضرورة اللوحة ..
وعن كيفية تحول الخط العربي إلى قضية حوارية يقول الفنان مسلماني: بما أن الخط العربي يتمتع بمرونة، وقابلية للمد، والرجع، والاستدارة ، والتشابك والتداخل، والتركيب ، فإن هذه الميزات تمكن الخطاط بخياله المبدع من أن يطوع الخط لخدمة الفكرة التي يريدها، سواء كانت بيتاً من الشعر، أو موقفاً حصل معه في الحياة اليومية، أو شاهد ماحرك مشاعره على مواقع التواصل الاجتماعي، فعلى سبيل المثال “قانون قيصر” عندما قرأت عنه تملكتني حالة شعورية من الغضب، لذلك على الفور شكلت الخط العربي، وأنتجت لوحة جسّدت فيها ما يسمى “قانون قيصر” وتداعياته على الشعب السوري، وأضيف أيضاً مثالاً آخر على ذلك ، إذ جسدت لوحة من قصيدة” الطين ” للشاعر إيليا أبي ماضي تعبر عن تفاعل الخط مع الشعر العربي وتغيّر من الصورة النمطية عن لوحات الخط العربي، التي كانت تتناول فقط آيات قرآنية .


فالخط العربي ليس مجرد خط إنه علم وفن في آن، جدير بأن ندرس أشكاله ونطورها، وهذا يحتاج إلى التدريب المتواصل، والتركيز الذهني، والملاحظة القوية لكل مايحيط بنا من أحداث ومواقف، إضافة إلى تحفيز ملكة الخيال، لإنتاج الجديد والمبتكر من القضايا الحوارية في صياغة فنية تشكيلية خطية .
وتمنى الفنان مسلماني في ختام اللقاء أن يتم التركيز على تنشئة أجيال المستقبل منذ نعومة أظفارهم على دراسة الخط العربي وأنواعه وقواعده، والاهتمام أكثر بالخط العربي من قبل الجهات المعنية، بوضع برامج مدرسية تتضمن منهج مستقل لتدريس الخط العربي وإنشاء مراكز تدريبية تعنى بالمواهب الإبداعية من الأطفال المهتمين بتعلم الخط العربي، مشيراً إلى أهمية العناية بتطوير مجال الجرافيكس العربي الذي يفتقر إلى التجديد مقارنة مع نظيره الغربي، وإلى ضرورة إقامة المزيد من فعاليات الخط العربي الرقمي بالحاسب الآلي ” الكمبيوتر ” لتشجيع وإعادة إحياء الخط العربي الذي خبا نجمه بسبب استخدام لغات أخرى كالإنكليزية للتواصل مع الآخرين .
مبينا أن غايته من أعماله الفنية باستخدام الحاسوب هي الفن وليس الكسب المادي ، فهو يحاول جاهداً لتطوير الخط العربي بما وهبه الله من علم كي يقدم مايفيد وطنه .
رقم العدد ١٦١٤٨

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار