| محمود جنيد
من يريد أن يعرف الواقع على حقيقته، عليه أن يتفقد العباد ٱناء الليل، إذ يجافي النوم عيون القاطنين في منازلهم يسيطر عليهم الرهاب النفسي وأنظارهم معلقة في السقف، يتحرون كل حركة وسكنة في الظلام المطبق، بينما تحولت السيارات والخيام التي تملأ حيز الأماكن المكشوفة، إلى بدائل لمشردين دمرت الكارثة منازلهم وصدعت أخرى باتت غير أمنة، ينشدون قوت يومهم من المساعدات التي تسد رمقهم، كثر منهم يقضون حاجتهم في العراء في ظل غياب مقومات الاستقرار والمرافق الصحية، والجميع يتساءل ماذا بعد، وهل سيكون هناك حلول حقيقية نافذة لاحتواء تداعيات الكارثة؟!
المصاب جلل، وملف المأساة الإنسانية في حلب تحديدا أكبر من الإمكانات والحلول الإسعافية والجهود التشاركية القائمة في ظل الحصار، وأوسع من التساؤلات المتداولة في الخيام عن حجم ومصير المساعدات المتوافدة عبر المطارات والمعابر، وأنها لو وزعت على جميع السكان كفتهم فاقة الكارثة، فالمناطق المنكوبة من الأحياء العشوائية المبنية على أساس المخالفات دون رخص، تحتاج لحصر سريع وإثبات ملكية، والمرخصة المتصدعة منها تحتاج لترميم وتدعيم، وذلك بالتوازي مع اجراءات حكومية، تباشر دراسة القوانين النافذة وامكانية تعديلها في ضوء الكوارث، بأن تعفى الأبنية التي تحتاج إلى إعادة إعمار من رسوم الادارة المحلية ونقابة المهندسين وكل الرسوم النافذة حالياً؛ فمتى سيتم انجاز كل ذلك، لاسيما وأن مبادرات تأمين السكن بالإيجار تعتبر من الحلول المؤقتة، والمتوفر منه نفد في ظل الاعداد الكبيرة للأسر المحتاجة للسكن، وهناك من تهرّب أو فضل البقاء في العراء على الانتقال من مراكز الإيواء داخل المدارس والمساجد، الى الأماكن التي أعدتها الجهات المعنية.!
استئناف الحياة الطبيعية ضروري، وعودة الطلاب لمقاعد التعليم مهم لناحية تكوين القيم عند الطلاب خلال الكوارث ماقيل، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل الظرف الراهن يساعد على تحقيق ذلك، في ظل الوضع النفسي والمعيشي المتفاقم، والعصف الذهني وانتفاء الاستقرار والشعور بالتوجس وعدم الأمان؟!
بإمكانكم متابعة آخر الأخبار و التطورات على قناتنا في تلغرام