ألــــــم وأمــــــل

بقلم عبد الخالق قلعه جي

 

من بعض إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي، أنها تحفظ لك فيما تحفظ.. ذكرياتك، وتذكرك بها، لعل رغبة لديك أن تشاركها من جديد.

على صفحتها، شاركت الأديبة الشاعرة ليلى مقدسي منشورا لها بعنوان رذاذ الحروف، يعود إلى قبل سنة تقريباً، جاء في مقدمته: “يلجا المتألمون للكتابة كي لا يمتصهم الألم”

استوقفتني هذي العبارة متأملاً متسائلاً عما ذهب إليه شكسبيرها.. تُرى هل هي كتابة الألم؟ أم هو ألم الكتابة؟ هل هي رد فعل للألم؟ أم جرعة لتثبيطه؟

أسئلة فتحت الأبواب لدي لأخرى، تستفسر عن محرك الكتابة.. دافعها.. هل فقط هو الألم.. أم هو الأمل سبباً وحاملاً لسعي نحو تخفيف معاناة وألم وصولاً إلى خلاص منهما… هل ينتهي الألم بالكتابة أم بما يمكن أن تصل إليه أحرفها.. إلى عيون ومسامع، وإلى أن تأخذ طريقها لتكون بذرة ونواة فعل ينفع الناس ويمكث في الأرض.

هذه التساؤلات وغيرها أخذتني إلى مردات أخرى على صعيد العمل العام في إطار قراءة متواضعة وتحليل، ما يتعلق بالتعاطي مع القضايا المجتمعية والخدمية والمعيشية المختلفة.

واقع الحال يقول إنه في كثير من الاجتماعات والفعاليات، تُختصر المسألة ومعها الغاية إلى مجرد الحديث عنها والتنظير لها والحوم حولها والخروج بنتائج وتوصيات دون أن تتحول وتترجم عبر أدوات وإرادات عمل نتلمسه مبرمجاً متكاملاً بتوقيته ومراحل عمله وببرنامجه الزمني وميزانه المجتمعي والآخر العام.

الأمر نفسه ينسحب أيضاً في بعض الأحيان، على مداخلة ومقترح أو إشارة لقضية، وكأن الهدف والعمل المطلوب هو تفريغ هذه الطاقة بتلك التفاصيل والأوراق التي ما حركت ساكناً عملاً على أرض أو في حياة الناس.

يومياً وعلى كثير منها.. تنشر مواقع تواصل اجتماعي وصفحات معنية، مواضيع تتعلق بشأن وَهَمٍ عام أو قضايا خدمية واحتياجات معيشية.. وتسلط الضوء على ظاهرة سلبية أو معاناة هنا وصعوبات هناك.. بعضها يقدم تصورات ومقترحات وحلولاً وآليات عمل، تنتظر تَبَنِّيها والبناءَ عليها لتحسين واقع والارتقاء به، أو تخفيف معاناة وإنهائها، وفي ذلك اختصار زمن وتوفير جهد.

متابعة جدية لهذه الطروحات والمقترحات والرؤى، من المفترض أن تقوم بها جهات معنية، بهدف توسيع دوائر القراءة والتشخيص والمشاركة في وصفة العمل المطلوب والقرار، وإلا فتلك خسارة، وإن كان من متابع ولا يُلقى بال لها ولا يتم منها استفادة.. فخسارة أعظم.

في جانب من كلمته للحكومة بتاريخ الرابع عشر من آب لعام ألفين وواحد وعشرين، تحدث السيد الرئيس بشار الأسد عن أهمية المشاركة وتوسيعها مع المبادرات والهيئات الشعبية، مع أشخاص، مع أصحاب اختصاص، أساساً للنجاح فقال: “توسيع المشاركة يعني المزيد من الأفكار، يستطيع المسؤول أن يختار الأفضل منها، ما يعني أن تقل نسبة الخطأ وتزداد نسبة النجاح”

 

التشاركية هذه مرهونة بوجوب اعتماد الشفافية مع المواطن لأن “المواطن لا يستطيع أن يشارك ويبدي رأيه ويساعدنا في اتخاذ القرار بشيء هو لا يعرف عنه.. فإذاً يجب أن تكون هناك شفافية مع المواطن ودون خجل، بالعكس المواطن يقدر الشفافية حتى ولو كان ضد المسؤول”، وبالتالي ستكون هناك رؤية دقيقة واضحة ويكون الحوار والنقاش والنقد موضوعياً.

 

“المشكلة الأكبر بيننا وبين المواطن يتابع السيد الرئيس هي التواصل وإذا نجحنا في كثير من المفاصل والعناوين والمحاور كحكومات متعاقبة، لكن في موضوع التواصل دائماً لدينا مشكلة حقيقية”.

 

خيوط محبة نحتاجها لنرفو شقوقاً في جسور نريد لها أن تعود، ونرمم علاقة يجب أن تعاد على أسس سليمة قوية من بناء يَشترط تحقيق كود المصداقية والثقة بين الناس والجهات المعنية، يضع المصلحة العامة فوقاً وأولاً ويغلبها على أي أخرى ويسير إليها وفق منهجية علمية مبادِرة جريئة، لا تخشى الخطأ دون أن تقع فيه أو تكرره… وتهيئ لذلك الأدوات المناسبة.. الإنسان في مقدمتها، بعدما يتم اختياره بالشكل الأمثل على أساس الكفاءة والخبرة والنزاهة والمحبة والعطاء.

 

قبل أكثر من ستة عقود كتب الفيلسوف ألبير كامو “إن دور الكاتب لا يخلو من المهام الصعبة.  فهو في خدمة أولئك الذين لا صوت لهم وربما لم يسمع بهم أحد” أولئك الذين.. ألماً يعانون.. ويقبضون بما لديهم من قوة ومحبة على أمل به يعيشون ويحيون.

 

كبيرة – حقيقة – هي التحديات.. كثير هو العمل المطلوب، وإرادات خيرة نبيلة تحمله لحاضر سوريتنا ومستقبل “لا يعود بها إلى حيث كانت قبل الحرب، إنما يذهب بها إلى حيث يجب أن تكون في هذا الزمن”.. يقول السيد الرئيس.. ولغد أجمل إن شاء الله.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار